الرئيسية

عاجل : قرار رسمي يُربك حسابات الفلاحين ويُغيّر وجه موسم الزيتون..

عاجل: قرار رسمي يُغيّر موسم الزيتون في تونس!

في خطوة غير مسبوقة، أعلن مجلس المنافسة التونسي عن قرارٍ تحفّظي يقضي بتعليق العمل مؤقتًا بالسعر المرجعي لرحي الزيتون، الذي كانت الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المعاصر قد ضبطته عند مستوى 250 مليماً للكيلوغرام الواحد. القرار سيبقى ساريًا إلى حين البتّ في الملف الأصلي المتعلّق بتنظيم الأسعار.

المجلس أوضح في بلاغ رسمي أن الإجراء جاء حمايةً لـ النظام الاقتصادي العام وضمانًا لـ توازن السوق ورفاه المستهلك، مستندًا إلى أحكام الفصل 15 من القانون عدد 36 لسنة 2015 المنظّم للمنافسة والأسعار.

لكن خلف هذا القرار تقف معركة صامتة بين طرفين: الفلاح الذي يرى أن السعر لا يغطي كلفة الإنتاج، وصاحب المعصرة الذي يخشى فوضى السوق والمضاربة الفجئية.

🔸 احتقان في صفوف الفلاحين: “الجهد لا يُقاس بالمليم”

منذ إعلان الغرفة النقابية عن التسعيرة، ساد التململ بين الفلاحين.
يقول أحد المنتجين في جهة سيدي بوزيد إن “250 مليماً لا تعكس تعب الموسم ولا تكاليف الجني والنقل واليد العاملة”، مضيفًا أن «القرار وُضع في المكاتب لا في الحقول».

الفلاحون يعتبرون أن التسعيرة المقترحة تُهمّش الحلقة الأضعف في السلسلة الإنتاجية، في وقت ترتفع فيه كلفة الطاقة وقطع الغيار.
بالمقابل، يرى أصحاب المعاصر أن توحيد السعر ضروري لـ ضبط السوق ومنع المضاربة التي تتكرّر كل موسم وتخلق تفاوتًا في الأسعار بين الجهات.

🔸 السوق التونسية أمام اختبار جديد

تعليق التسعيرة المرجعية خلق حالة من الارتباك الحذر في سوق الزيتون.
فكل معصرة باتت اليوم حرة في تحديد سعر الرحي وفق العرض والطلب، وهو ما قد يؤدي إلى تفاوت بين مناطق الإنتاج الكبرى مثل صفاقس والساحل وسيدي بوزيد.

تحليلات اقتصادية تشير إلى أن هذا الوضع قد يكون فرصة لتكريس المنافسة الحرة، لكنه أيضًا يحمل مخاطر على السعر النهائي لزيت الزيتون للمستهلك.
في الوقت الراهن، تتراوح الأسعار في السوق المحلية بين 12 و12.400 دينار للتر الواحد، بينما تجاوز السعر العالمي للزيت البكر الممتاز 9 يوروهات للتر الواحد، وفق مؤشرات المجلس الدولي للزيتون (IOC).

🔸 بين القانون والاقتصاد: من يتحكم في السوق؟

من منظور قانوني، يرى مختصون أن قرار مجلس المنافسة جاء لتصحيح مسار السوق ومنع أي اتفاق جماعي يحدّ من حرية التسعير، معتبرين أن مثل هذه الخطوات ضرورية في القطاعات الحساسة كالقطاع الفلاحي.

ويقول الخبير الاقتصادي التونسي حاتم بن حسين إن «القرار ليس ضد الغرفة النقابية، بل ضد عقلية الاحتكار المقنّع».
ويضيف: «المنافسة لا تُقاس بعدد البلاغات، بل بمدى احترام حرية السوق وحق المستهلك في سعر عادل».

تقرير نشرته مجلة Jeune Afrique أشار بدوره إلى أن هذا النوع من القرارات يعكس توجّهًا حكوميًا جديدًا نحو تحرير السوق تدريجيًا، بعيدًا عن التسعيرات الموحدة التي كبّلت النشاط الفلاحي لعقود.

🔸 موسم واعد… وأرقام تدعو للتفاؤل

في الأفق، تبدو المؤشرات إيجابية.
فوفقًا لتقديرات وزارة الفلاحة، يتراوح إنتاج الزيتون لهذا الموسم بين 480 و500 ألف طن، وهي من أفضل الصابات في السنوات الأخيرة.
هذا الانتعاش من شأنه أن يعزّز مكانة تونس كأحد أبرز المصدرين العالميين لزيت الزيتون، خاصة نحو الأسواق الأوروبية والخليجية التي تشهد ارتفاعًا متواصلاً في الطلب.

لكن لتحقيق هذه القفزة، يرى مراقبون أن النجاح لن يتحقق إلا عبر تسعيرة عادلة تحفظ توازن الحلقة الإنتاجية بأكملها: الفلاح، المعصرة، والمستهلك.

🔸 بين القرار والتحدي… من يرسم مستقبل الزيت التونسي؟

قرار مجلس المنافسة لا يمكن قراءته كإجراء إداري فحسب، بل هو إشارة إلى بداية مرحلة جديدة في تنظيم السوق الفلاحية.
مرحلة تُلزم كل الأطراف بمراجعة سياساتها وإعادة النظر في مفهوم الربح العادل ضمن منظومة إنتاجية وطنية تحتاج إلى الانضباط بقدر ما تحتاج إلى الحرية.

في النهاية، يبدو أن الزيت التونسي — هذا «الذهب الأخضر» — يعيش لحظة مفصلية.
فإما أن يتحوّل القرار إلى نقطة انطلاق لإصلاح هيكلي يعيد الثقة بين الفاعلين، أو إلى شرارة جدل جديد بين من يرى في السوق حريةً مطلقة ومن يراها توازناً مطلوبًا بين المصلحة والرقابة.

📌 فريق تحرير موقع تونس 33
المصدر: مجلس المنافسة التونسي – وزارة الفلاحة – تصريحات فلاحين وخبراء اقتصاد

تعليقات فيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock