قانون المالية 2026 يدخل حيّز التنفيذ.. هذه نسب الزيادات الحقيقية

بالرائد الرسمي: نسب الزيادة في أجور الموظفين وجرايات المتقاعدين حسب قانون المالية 2026..

0 minutes, 0 seconds Read

كرّس قانون المالية لسنة 2026، الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، توجّهًا اجتماعيًا لافتًا عبر التنصيص على الترفيع في الأجور وجرايات التقاعد على مدى ثلاث سنوات متتالية، تشمل 2026 و2027 و2028.هذا الاختيار أعاد الأمل لفئات واسعة من الموظفين والمتقاعدين، لكنه فتح في المقابل نقاشًا واسعًا حول مدى واقعية هذه الزيادات وقدرتها الفعلية على تحسين الوضع المعيشي في سياق اقتصادي يتّسم بارتفاع التضخم وتواصل الضغوط على المالية العمومية.

إقرار المبدأ دون تحديد النسب

ما يلفت الانتباه في قانون المالية 2026 هو الاكتفاء بإقرار مبدأ الزيادة دون الخوض في التفاصيل الرقمية الدقيقة.فالقانون لم يضبط نسب الترفيع ولا تواريخ الصرف، وهو ما جعل هذا المكسب الاجتماعي المعلن رهين قرارات لاحقة.ويرى متابعون للشأن الاقتصادي أن هذا الأسلوب يعكس حرص السلطة التنفيذية على الاحتفاظ بهامش مناورة، يسمح بتكييف الزيادات مع تطور المؤشرات المالية وقدرة الدولة على التمويل.

الأوامر التطبيقية: الكلمة الفصل

ينص القانون على أن التفعيل العملي للزيادات سيتم عبر أوامر حكومية مشتركة بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والمالية.هذه الأوامر ستحدد بدقة نسب الزيادات، الفئات المشمولة، وآجال التطبيق، وفق الاعتمادات المرصودة في الميزانية العامة.وبحسب خبراء، فإن هذه المرحلة ستكون الحاسمة، لأنها ستكشف ما إذا كانت الزيادات ستأخذ طابعًا فعليًا مؤثرًا، أم ستبقى في حدود رمزية لا تواكب نسق الغلاء.

قراءة في التوازنات المالية

إدراج الزيادات على ثلاث سنوات متتالية يعكس، وفق محللين، محاولة للتوفيق بين مطلب اجتماعي ملحّ وقيود مالية صارمة.فالدولة تواجه ضغطًا متواصلًا للتحكم في كتلة الأجور، التي تمثل أحد أكبر بنود الإنفاق العمومي.ومن هذا المنطلق، يُتوقع أن يتم توزيع الزيادات تدريجيًا وبنسب متفاوتة، بما يحدّ من انعكاساتها المباشرة على عجز الميزانية.

تقديرات أولية: أرقام محتشمة

في انتظار الأوامر التطبيقية، تشير تحاليل اقتصادية أولية إلى أن الزيادات في أجور الوظيفة العمومية قد تكون محدودة، وربما لا تتجاوز في بعض السيناريوهات 3 إلى 4% سنويًا.كما يرجّح أن تختلف النسب حسب القطاعات، مع إمكانية توجيه زيادات أكبر نسبيًا لفائدة أصحاب الأجور الضعيفة، في إطار مقاربة اجتماعية انتقائية.

القطاع الخاص والمتقاعدون: أي نصيب؟

لا يقتصر الترفيع المعلن على القطاع العمومي فقط، بل يشمل أيضًا العاملين في القطاع الخاص والمتقاعدين.غير أن الغموض المحيط بكيفية احتساب الزيادات في هذه الفئات يطرح تساؤلات جدية.فبالنسبة للقطاع الخاص، يبقى التنفيذ مرتبطًا بالمفاوضات الاجتماعية وبقدرة المؤسسات على تحمل كلفة إضافية، بينما يظل ملف جرايات التقاعد حساسًا، نظرًا لتراجع المقدرة الشرائية للمتقاعدين وارتفاع نفقات العلاج والعيش.

مقارنة بسيناريوهات سابقة

بالعودة إلى السنوات الأخيرة، يلاحظ أن الزيادات التي أقرت بين 2023 و2025 لم تكن كافية لامتصاص موجة التضخم، رغم بلوغها في بعض القطاعات نسبًا قاربت 5% في القطاع العام وأكثر من 6% في القطاع الخاص.هذا المعطى يجعل فئات واسعة تتخوف من تكرار نفس السيناريو، حيث تتحول الزيادات إلى مجرد أرقام اسمية دون أثر ملموس على مستوى العيش.

انعكاسات محتملة على القدرة الشرائية

يبقى السؤال الجوهري المطروح اليوم: هل ستنجح زيادات قانون المالية 2026 في تحسين القدرة الشرائية فعليًا؟الإجابة، وفق خبراء، مرتبطة بعاملين أساسيين: حجم الزيادات مقارنة بنسبة التضخم، ومدى انتظام صرفها في الآجال المحددة.فأي تأخير أو ترفيع محدود قد يفقد هذا الإجراء جانبا كبيرا من جدواه الاجتماعية.

تحليل خاص من فريق تحرير تونس 33

من منظور تحليلي، يمكن اعتبار ما ورد في قانون المالية 2026 خطوة سياسية واجتماعية محسوبة، تهدف إلى امتصاص الاحتقان الاجتماعي وإرسال إشارات طمأنة للفئات المتضررة من الغلاء.غير أن نجاح هذا التوجه يظل مشروطًا بترجمة الوعود التشريعية إلى قرارات تنفيذية واضحة، عادلة، وقادرة على إحداث فرق حقيقي في حياة المواطنين.فالمطلوب اليوم ليس فقط الترفيع في الأجور، بل إعادة بناء الثقة بين الدولة والأجراء، عبر سياسات شفافة توازن بين الاستقرار المالي والعدالة الاجتماعية.

انتظار مشوب بالحذر

في المحصلة، يجد الموظفون والمتقاعدون أنفسهم بين أمل يبعثه النص القانوني، وحذر تفرضه التجارب السابقة.فالأعين تتجه الآن إلى الأوامر التطبيقية المرتقبة، التي ستحدد ما إذا كان قانون المالية 2026 سيُسجل كمنعرج اجتماعي فعلي، أم كالتزام مؤجل محدود الأثر في ظل أزمة اقتصادية معقدة.


المصدر: فريق تحرير موقع تونس 33، المرجع: الرائد الرسمي للجمهورية التونسية – قانون المالية لسنة 2026

تعليقات فيسبوك

ذات صلة

error: Content is protected !!