هل أصبحت العنوسة خطرًا يهدد المجتمع التونسي؟ ظاهرة اجتماعية مقلقة وأرقام تدق ناقوس الخطر ..

تشهد تونس في السنوات الأخيرة تحولات اجتماعية واقتصادية عميقة، انعكست بشكل واضح على البنية المجتمعية، وظهرت معها ظواهر تستوجب التوقف والتحليل، لعلّ أبرزها ارتفاع معدلات تأخر الزواج أو ما يُعرف اصطلاحًا بـ”العنوسة”.
ما المقصود بالعنوسة؟
يُطلق مصطلح “العنوسة” على تأخر سن الزواج لما بعد الثلاثين، وهي مرحلة تعتبر في العديد من المجتمعات مؤشرًا لظاهرة اجتماعية تتطلب دراسة معمقة لأسبابها وانعكاساتها.
نسبة العنوسة في تونس: أرقام متضاربة ولكنها مقلقة
وفق تقرير صادر عن مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث في يناير 2022، احتلت تونس المرتبة الثانية عربيًا من حيث تأخر سن الزواج، حيث بلغت نسبة غير المتزوجين فوق سن الـ35 عامًا حوالي 81%.
وتجدر الإشارة إلى أن النسبة كانت 62% في عام 2013، مما يعكس تصاعدًا ملحوظًا في عدد التونسيين والتونسيات الذين لم يدخلوا القفص الذهبي، وهو ما يشير إلى تغيرات عميقة في المشهد الاجتماعي.
في المقابل، أورد تقرير لوكالة الأناضول أرقامًا مغايرة، حيث صنّف تونس في المرتبة الخامسة بنسبة 62% فقط، ما يعكس غياب توحيد للبيانات الرسمية ويُبرز الحاجة لإحصائيات دقيقة ومعتمدة.
ما وراء الأرقام: أسباب متشابكة
يرتبط تفشي ظاهرة العنوسة في تونس بعدة عوامل متداخلة، أهمها:
- اقتصادية: البطالة، ارتفاع تكاليف المعيشة، وتكاليف الزواج الباهظة.
- اجتماعية: تغيّر الأولويات، الميل نحو الاستقلالية، والرغبة في بناء مسيرة مهنية قبل التفكير في الارتباط.
- ثقافية: استمرار بعض العادات التقليدية مثل المهر المرتفع، ورفض بعض الأسر لزواج بناتها من خارج الإطار الذي تحدده.
التداعيات: نفسية، اجتماعية، واقتصادية
لا تقتصر آثار تأخر الزواج على الجانب الشخصي فقط، بل تتعداه لتؤثر على المجتمع بأسره:
- نفسيًا: شعور بالوحدة، اكتئاب، قلق مزمن.
- اجتماعيًا: تراجع الترابط الأسري، ارتفاع معدلات الجريمة، وتزايد بعض السلوكيات السلبية كالعنف والتحرش.
- اقتصاديًا: ضعف في الاستثمار البشري، تفاقم الأعباء الاجتماعية، وتأخر في تأسيس أسر منتجة.
حلول مقترحة: ما الذي يمكن فعله؟
للتعامل مع هذه الظاهرة بفاعلية، يقترح مختصون سلسلة من الإجراءات:
- سياسات تشغيل فعالة للشباب مع تحسين القدرة الشرائية.
- تبسيط إجراءات الزواج وتخفيف الأعباء المالية.
- حملات توعوية وطنية تعيد الاعتبار لمفهوم الأسرة دون أن تفرضه.
- دعم المؤسسات الشبابية وتمكينها من تقديم خدمات اجتماعية ونفسية متكاملة.
ترتيب الدول العربية حسب نسب العنوسة
الدولة | نسبة العنوسة (35+ سنة) |
---|---|
لبنان | 85% |
تونس | 81% أو 62% (حسب المصدر) |
العراق | 70-85% |
الإمارات | 70-75% |
سوريا | 70% |
المغرب | 60% |
الأردن | 55% |
الجزائر | +51% |
مصر | 40-48% |
السعودية | 10-42% |
اليمن | 30% |
البحرين | 25% |
العنوسة في تونس لم تعد مجرد ظاهرة فردية، بل أصبحت مؤشّرًا اجتماعيًا يتطلب تدخلًا مؤسساتيًا جادًا. فبين واقع اقتصادي صعب وتغيرات ثقافية متسارعة، يبقى الأمل معقودًا على وعي جماعي يوازن بين متطلبات العصر والحفاظ على استقرار المجتمع.