فقدت الساحة الفنية العربية صباح السبت 20 ديسمبر 2025 واحدة من أبرز رموزها، بوفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر ناهز 72 عامًا، بعد مسيرة طويلة تركت خلالها بصمة خاصة في الدراما والسينما المصرية، وجعلت منها اسمًا حاضرًا في ذاكرة أجيال متعاقبة من المشاهدين.
رحيل الألفي لم يكن مجرد خبر وفاة، بل محطة استوقفت الوسط الفني والجمهور، باعتبارها فنانة جمعت بين الأداء الهادئ والحضور الإنساني، وقدّمت أدوارًا عكست تحولات المجتمع المصري عبر عقود.
تفاصيل الجنازة ووداع العائلة
وأكدت عائلة الراحلة أن جنازتها ستُشيّع عصر السبت من مسجد مصطفى محمود بمنطقة المهندسين في محافظة الجيزة، في حين لم يتم الإعلان رسميًا عن موعد العزاء إلى حدود الساعة، وفق ما أوردته وسائل إعلام مصرية.
وشهدت الأيام الأخيرة قبل وفاتها متابعة عائلية دقيقة لحالتها الصحية، خاصة بعد سنوات من المعاناة مع المرض الذي أبعدها عن الأضواء، دون أن يقطع صلتها بالفن.
آخر ظهور… حضور رمزي رغم الغياب
آخر ظهور علني لسمية الألفي كان في أكتوبر الماضي، حين زارت موقع تصوير فيلم “سفاح التجمع”، الذي يقوم ببطولته نجلها الفنان أحمد الفيشاوي.
ذلك المشهد، رغم بساطته، حمل دلالات عاطفية كبيرة، حيث بدا واضحًا أن ارتباطها بالفن لم ينقطع، حتى في أقسى فترات المرض.
من الريف إلى النجومية… بدايات صنعت الوعي الفني
وُلدت سمية يوسف أحمد الألفي يوم 23 جويلية 1953 بمحافظة الشرقية، ونشأت في بيئة ريفية بسيطة انعكست لاحقًا على طبيعة أدوارها، التي اتسمت بالصدق والعفوية وقربها من الناس.
درست علم الاجتماع بكلية الآداب – جامعة القاهرة، وهو مسار أكاديمي شكّل وعيها الفني، وساعدها على تقديم شخصيات مركّبة، قادرة على التعبير عن تحولات المجتمع والأسرة والعلاقات الإنسانية.
المسرح بوابة العبور… ثم السينما والتلفزيون
دخلت سمية الألفي عالم الفن عبر المسرح سنة 1976 من خلال مسرحية “أولاد علي بمبة”، قبل أن تنتقل إلى السينما بفيلم “الحساب يا مدموزيل”، الذي فتح لها أبواب المشاركة في أعمال متنوعة.
ومنذ تلك المرحلة، انطلق مشوار فني طويل تنقّلت خلاله بسلاسة بين المسرح والسينما والتلفزيون، وقدّمت أكثر من 140 عملًا فنيًا، وهو رقم يعكس غزارة الإنتاج واستمرارية الحضور.
ذروة التألق… حين صنعت الدراما التاريخ
بلغت سمية الألفي قمة حضورها الفني خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، خاصة عبر مشاركتها في مسلسلات أصبحت علامات فارقة في تاريخ الدراما المصرية، من بينها:
- ليالي الحلمية
- بوابة الحلواني
- الراية البيضا
في هذه الأعمال، لم تكن مجرد ممثلة مساعدة، بل عنصرًا أساسيًا في البناء الدرامي، وقدّمت شخصيات نسائية تعكس التحولات الاجتماعية والسياسية في مصر.
السينما… تنوّع الأدوار وتوازن الحضور
في السينما، حافظت الألفي على نفس النسق من التميّز، وشاركت في أفلام جماهيرية مثل “علي بيه مظهر و40 حرامي”، حيث نجحت في التنقل بين الأدوار الاجتماعية والرومانسية دون الوقوع في النمطية.
هذا التوازن جعلها فنانة مقبولة لدى الجمهور والنقاد في آن واحد.
الحياة الشخصية… زيجات متعددة وظلّ قصة واحدة
شهدت حياة سمية الألفي الخاصة أربع زيجات، جميعها من داخل الوسط الفني، غير أن زواجها الأول من الفنان الراحل فاروق الفيشاوي ظل الأكثر حضورًا في الذاكرة الجماعية.
دام الزواج 16 عامًا، وأثمر عن ابنيهما أحمد وعمر، قبل أن ينتهي بالانفصال، لكن العلاقة الإنسانية بين الطرفين بقيت قوية حتى وفاة الفيشاوي.
أما زيجاتها اللاحقة من الموسيقار مودي الإمام، والمخرج جمال عبد الحميد، والمطرب مدحت صالح، فقد كانت قصيرة، ولم تترك نفس الأثر.
المرض… صراع طويل في صمت
منذ سنة 2010، بدأت الفنانة الراحلة في الابتعاد تدريجيًا عن الساحة الفنية، بعد إصابتها بمرض نادر أثّر على حركتها، وخضوعها لما يقارب ثماني عمليات جراحية، من بينها استئصال ورم في الثدي.
ورغم قسوة المرحلة، اختارت سمية الألفي الصمت، وابتعدت عن الظهور الإعلامي، مكتفية بالدائرة العائلية والمقربين.
تحليل أو تعليق خاص من فريق تحرير تونس 33
رحيل سمية الألفي لا يُختزل في فقدان ممثلة، بل في غياب نموذج فني ينتمي إلى جيل آمن بأن التمثيل رسالة قبل أن يكون شهرة.
قدّمت أدوارها دون ضجيج، ونجحت في ترسيخ حضورها بالاتزان والصدق، في زمن لم تكن فيه المنصات الرقمية تصنع النجومية.
وإذا كانت الدراما العربية اليوم تعيش تحولات متسارعة، فإن تجربة سمية الألفي تظل مرجعًا مهمًا لفهم كيف يمكن للفنان أن يحافظ على قيمته، حتى بعد الانسحاب من الأضواء.
المصدر: فريق تحرير موقع تونس 33، المرجع: وسائل إعلام مصرية

