بالفيديو / تحذيرات خطيرة: آلاف المرضى مهددون … وقرار عاجل من الصيدليات..
شهد قطاع الصيدلة في تونس صباح اليوم الاثنين 8 ديسمبر تطورًا جديدًا أعاد الحديث مجددًا عن عمق الأزمة المالية التي تربط أصحاب الصيدليات بC. فقد أعلنت النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة عن إيقاف صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع لفائدة منظوري “الكنام”، في خطوة احتجاجية تحمل رسائل واضحة حول بلوغ الوضع حدًّا لم يعد يحتمل التأجيل أو المعالجة الجزئية.
يأتي هذا القرار في سياق اقتصادي وصحي دقيق، يتزامن مع ضغوط كبيرة على قطاع الأدوية وارتفاع أسعار عدد من المستلزمات الطبية، إلى جانب الصعوبات التي تواجهها الدولة في تمويل صناديق الضمان الاجتماعي.
🔹 خلفيات قرار تعليق صرف الأدوية
وفق ما أكدته النقابة، فإنّ تعليق العمل بصيغة الطرف الدافع لم يكن خيارًا سهلاً، بل جاء نتيجة تراكم مستحقات مالية ضخمة لدى “الكنام”، وهو ما أضعف قدرات الصيدليات على توفير مخزون مستقر من الأدوية، خصوصًا تلك الموجّهة للأمراض المزمنة والحالات التي تتطلب علاجًا دوريًا.
فعديد الصيدليات، خاصة في الجهات الداخلية، أصبحت تواجه مخاطر حقيقية تتعلق بالمصاريف اليومية، وبتأمين التزود من الموزعين الذين يشترطون الدفع الفوري في أغلب الأحيان.
وبذلك، لم يعد أصحاب الصيدليات قادرين على مواصلة تقديم الخدمات بالطريقة السابقة دون ضمانات واضحة من الصندوق.
🔹 كيف سيُؤثّر القرار على المضمونين الاجتماعيين؟
أول المتضررين من القرار هم بطبيعة الحال المنتفعون بخدمات التأمين على المرض. فابتداءً من اليوم، أصبح على كل مضمون اجتماعي دفع ثمن الأدوية كاملًا في الصيدلية، قبل تقديم الملف إلى “الكنام” لاسترجاع جزء من المبلغ، وفق إجراءات تتطلب وقتًا طويلًا في بعض الحالات.
هذا التغيير المفاجئ من شأنه أن يضع شرائح واسعة من المرضى أمام خيارات صعبة، خصوصًا أصحاب الأمراض المزمنة أو محدودي الدخل، ممن يعتمدون على دعم منظومة التأمين الصحي بشكل كامل.
ويتخوف مهنيون من أن يؤدّي استمرار هذا الإجراء إلى انقطاع بعض المرضى عن العلاج أو اللجوء إلى حلول بديلة قد تهدد صحتهم، في انتظار التوصل إلى اتفاق جديد بين الطرفين.
🔹 أزمة تتجاوز الصيدليات: انعكاسات على سلسلة التزويد
وفق تحليل فريق تحرير تونس 33، فإن تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع لا يعدّ إلا جزءًا من إشكال مركّب داخل قطاع الدواء في تونس. فالصعوبات المالية التي تعيشها الصيدليات ليست سوى نتيجة مباشرة لأزمة السيولة التي يواجهها الصندوق، وهي بدورها انعكاس لوضعية مالية عامة تواجه المؤسسات العمومية منذ سنوات.
هذا الخلل قد يؤثر تدريجيًا على:
- مخزون بعض الأنواع الحساسة من الأدوية
- قدرة الموزعين على مواصلة التزويد بنفس النسق
- استقرار الأسعار في السوق
- علاقة المريض بجهات العلاج الأولية
وتشير عدة تقارير إلى أنّ الطلب على الأدوية في ارتفاع مطّرد، مقابل بطء في عمليات التزويد بسبب مشاكل التمويل لدى المؤسسات الصحية والمهنيين.
🔹 لماذا تتكرر الأزمة بين الصيادلة و”الكنام”؟ قراءة تحليلية من تونس 33
بالعودة إلى السنوات الأخيرة، يمكن ملاحظة أنّ ملف العلاقة بين الصيدليات والصندوق الوطني للتأمين على المرض ظلّ مرتبطًا بثلاثة عناصر أساسية:
1. التأخير المستمر في خلاص المستحقات
تستغرق عمليات تحويل الأموال أحيانًا عدة أشهر، ما يدفع الصيدليات إلى الاقتراض أو شراء الأدوية بشروط مالية قاسية.
2. عدم مراجعة الاتفاقيات المنظمة للقطاع
الاتفاقيات الحالية لم تعد تواكب التغييرات الاقتصادية وسعر صرف العملة، ولم يقع تحديثها بما يتلاءم مع واقع السوق.
3. زيادة عدد المضمونين مقابل ضعف التمويل
الضغط على “الكنام” في تزايد، نتيجة ارتفاع حاجيات المواطنين الصحية مقابل محدودية الموارد المالية.
🔹 مواقف النقابة: رسالة واضحة للحكومة
في بيانها، دعت النقابة أصحاب القرار داخل وزارتَي المالية والصحة إلى تدخل عاجل وحاسم، معتبرة أن تأخير الحلول لم يعد ممكنًا، وأن استمرار هذا الوضع قد يهدد فعليًا:
- استمرارية خدمات الصيدليات
- توازن سوق الدواء
- حقوق المريض
- العلاقة التعاقدية داخل المنظومة الصحية
كما شددت على ضرورة وضع آلية مراقبة دورية للملفات المالية، تضمن الشفافية وتسمح بتجاوز الأزمات المفاجئة.
🔹 تأثير القرار على المرضى: الحلقة الأضعف في الأزمة
من منظور اجتماعي، يبقى المريض هو الطرف الأكثر هشاشة أمام التطورات الأخيرة. فالكثير من العائلات اليوم تواجه صعوبات مالية، مما يجعل دفع ثمن الدواء كاملًا في الصيدلية عبئًا كبيرًا، خاصة مع ارتفاع أسعار بعض الأدوية الحساسة.
وتؤكد مصادر مهنية أن عدداً من المرضى قد يؤجلون اقتناء بعض الأدوية غير المستعجلة، أو يقلّصون من الكميات، ما يشكل خطرًا صحيًا حقيقيًا في المدى المتوسط.
🔹 تحليل أو تعليق خاص من فريق تحرير تونس 33
من خلال متابعة الملفات الصحية في السنوات الأخيرة، يتّضح أنّ ملف “الكنام” يجب أن يندرج ضمن إصلاح شامل لمنظومة الحماية الاجتماعية في تونس، وليس عبر حلول ظرفية أو اتفاقيات قصيرة المدى.
ويرى فريق التحرير أنّ:
- الأزمة مرتبطة مباشرة بضعف التمويل العمومي
- الصيدليات تواجه اليوم ضغطًا مضاعفًا مقارنة بفترة ما قبل 2020
- الحل يجب أن يشمل إعادة النظر في آليات استخلاص الديون واعتماد نظام دفع أسرع وأكثر شفافية
- استقرار قطاع الأدوية يعدّ جزءًا من الأمن القومي الصحي
هذه الأزمة تكشف الحاجة إلى إصلاحات تنفيذية شاملة بدل التعامل معها كأحداث منفصلة.
خاتمة
إلى حين التوصل إلى اتفاق جديد بين النقابة والسلطات الرسمية و”الكنام”، يبقى الوضع مفتوحًا على عدة احتمالات، أهمها تعمّق الأزمة وتزايد الضغط على المريض. ولأنّ الدواء عنصر أساسي في الأمن الصحي للمواطن، فإنّ الحل بات يستوجب تحركًا حكوميًا عاجلًا يضمن حماية المنظومة ككل ويعيد الطمأنينة إلى المواطنين والمهنيين.
📌 المصدر
المصدر: فريق تحرير موقع تونس 33، المرجع: موقع النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة





