الله أكبر .. غموض يلف وفاة تلميذ في القصرين.. ماذا حصل لراني حمدي بعد مغادرته المدرسة؟

في مشهد يعكس عمق المعاناة اليومية التي تعيشها المناطق المهمشة في تونس، جدّت فاجعة أليمة في معتمدية حاسي الفريد من ولاية القصرين – المصنفة كأفقر معتمدية في البلاد حسب المعهد الوطني للإحصاء – حيث توفي تلميذ يُدعى راني حمدي، يبلغ من العمر 12 سنة، إثر انقلاب شاحنة مخصصة لنقل البضائع، كانت تقلّه رفقة عدد من زملائه بعد انتهاء اليوم الدراسي.
مأساة على الطريق… وغياب وسائل النقل المدرسي
الطفل راني، وهو تلميذ بالسنة السادسة ابتدائي في مدرسة جبل الخروب، لم يجد وسيلة نقل مدرسية تقلّه إلى منزله، فاضطر كغيره من الأطفال إلى امتطاء شاحنة نقل بضائع، في مشهد يتكرر يوميًا في المناطق الريفية. وعلى طريق وعرة، انقلبت الشاحنة بشكل مفاجئ، مما تسبب في وفاته على عين المكان، إلى جانب إصابة أربعة أطفال آخرين بإصابات متفاوتة استدعت نقلهم إلى المستشفى المحلي.
احتجاجات واحتقان في صفوف الأهالي
عقب الحادثة، تجمع عدد كبير من المواطنين أمام المستشفى المحلي في حاسي الفريد، معبّرين عن غضبهم الشديد من هشاشة البنية التحتية وتردّي الخدمات الأساسية، لا سيما انعدام النقل المدرسي. وقرر المحتجون غلق الطريق الرئيسي بالمنطقة، مطالبين بحضور والي الجهة والاستماع إلى مطالبهم المشروعة، وعلى رأسها توفير وسائل نقل آمنة وتحسين ظروف التعليم والمعيشة.
تدخل فوري من السلطات الجهوية
في استجابة سريعة، تحوّل والي القصرين، زياد الطرابلسي، إلى المستشفى لتقديم واجب العزاء لعائلة الفقيد والاطمئنان على صحة التلاميذ المصابين. كما أعلن عن جملة من الإجراءات العاجلة لفائدة المنطقة، تمثلت في:
- توفير حافلة مدرسية مخصصة لأبناء جبل الخروب
- الإسراع بتزويد المنطقة بالماء الصالح للشرب
- إعادة فتح مكتب البريد المحلي
- التكفل بالوضع الاجتماعي والنفسي لعائلة الفقيد
التهميش القاتل… والحق في تعليم آمن
أعادت هذه الحادثة الأليمة فتح النقاش حول واقع التهميش في الجهات الداخلية، وضرورة تحرّك عاجل وفعلي لإنقاذ أطفال تونس من معاناة يومية قد تتحول إلى مآسٍ. فحق الطفل في التعليم لا ينفصل عن حقه في التنقل الآمن والعيش الكريم، وهي مسؤولية جماعية لا تقبل التأجيل.