قضايا و حوادث

عاجل : الأمن يطيح بسارق سيارات يستخدم تقنيات متقدمة في تونس..

تمكّنت المصالح الأمنية المختصة بالعاصمة من وضع حدّ لسلسلة عمليات سرقة غير تقليدية استهدفت سيارات مركونة بعدة أحياء، وأثارت حالة من الريبة لدى أصحابها، خاصة أن الوقائع لم تكن مصحوبة بأي آثار اقتحام مادي. القضية أعادت النقاش حول تحوّل بعض الجرائم اليومية إلى أفعال تعتمد على التكنولوجيا بدل القوة أو الكسر، في مشهد جديد يفرض مقاربة أمنية مختلفة.

بلاغات متشابهة… واللغز واحد

انطلقت خيوط الملف إثر تزايد الشكايات الواردة على مركز الأمن الوطني بالمنارات، حيث أجمع المتضررون على نقطة واحدة: سيارات مغلقة بإحكام، دون كسر أو خلع، ومع ذلك اختفت محتوياتها الداخلية. هذه البلاغات المتقاربة زمنياً ومكانياً، والمتشابهة من حيث طريقة التنفيذ، دفعت الوحدات الأمنية إلى التعامل مع القضية باعتبارها نمطاً إجرامياً واحداً وليس حوادث معزولة.

مسروقات بلا عنف… ولكن بخسائر موجعة

المسروقات لم تكن عشوائية أو بسيطة، بل شملت هواتف ذكية، محافظ مالية، وثائق شخصية، وأجهزة إلكترونية ذات قيمة، ما عمّق شعور الضحايا بالاستهداف المباشر. الأخطر في الأمر أن أصحاب السيارات لم ينتبهوا فوراً إلى حصول السرقة، باعتبار أن المركبات لم تظهر عليها أي علامات عبث، وهو ما منح الفاعل هامش تحرك أوسع.

فرضية “الاختراق التقني”

مع غياب أي دليل مادي تقليدي، رجّحت التحريات الأولية اعتماد السارق على وسائل إلكترونية قادرة على تعطيل أو تجاوز أنظمة الغلق عن بعد. هذه الفرضية دفعت أعوان الشرطة العدلية بالمنزه، بالتنسيق مع مركز الأمن الوطني بالمنارات، إلى اعتماد عمل استعلاماتي وفني معمّق، شمل دراسة توقيت الجرائم، ونقاط تكرارها، وأنماط تحرك المشتبه بهم المحتملين.

تتبع ميداني يقود إلى الخيط الحاسم

التحقيقات قادت إلى رصد سيارة كانت تحوم بشكل متكرر قرب مواقع السرقات، في فترات زمنية متقاربة. هذا المعطى، وإن بدا في البداية عرضياً، تحوّل إلى خيط حاسم بعد مقارنة تحركاتها مع توقيت البلاغات. ومع تكثيف المتابعة، تم تحديد هوية صاحب السيارة ومراقبة تحركاته بدقة، قبل الانتقال إلى المرحلة التنفيذية.

مداهمة مدروسة وكشف المعدات

عملية الإيقاف تمت بعد إعداد محكم، وأسفرت عن ضبط المشتبه به وحجز تجهيزات تقنية متطورة يُشتبه في استعمالها لتعطيل أنظمة الغلق الإلكتروني للسيارات. كما تم العثور على بطاقات بنكية، حواسيب محمولة، وأغراض أخرى مجهولة المصدر، يُرجح ارتباطها بعمليات سرقة سابقة، ما عزز فرضية النشاط الإجرامي المنظم، حتى وإن كان فردياً في التنفيذ.

على ذمة البحث… والأسئلة مفتوحة

بإذن من النيابة العمومية، تم الاحتفاظ بالمظنون فيه لمواصلة الأبحاث، التي تركز حالياً على تحديد العدد الحقيقي للضحايا، والتثبت من مصدر المعدات التقنية، ومعرفة ما إذا كان المتهم يتحرك بمفرده أو ضمن شبكة أوسع تنشط في هذا النوع من الجرائم. كما تعمل المصالح المختصة على استرجاع المسروقات وإعادتها إلى أصحابها متى توفرت الأدلة.

الجريمة تتغير… واليقظة مطلوبة

تعكس هذه القضية تحوّلاً لافتاً في أساليب السرقات اليومية، حيث لم يعد الاعتماد على العنف أو الكسر شرطاً لتنفيذ الجريمة. التكنولوجيا، التي يُفترض أن تعزز الأمان، أصبحت في بعض الحالات أداة اختراق في يد من يحسن استخدامها خارج القانون. هذا الواقع يفرض تحديات جديدة، ليس فقط على الأجهزة الأمنية، بل أيضاً على المواطنين في كيفية التعامل مع ممتلكاتهم.

تحليل أو تعليق خاص من فريق تحرير تونس 33

تكشف هذه القضية أن المعركة ضد الجريمة لم تعد تُخاض فقط في الشارع، بل أيضاً في الفضاء التقني. استعمال وسائل تشويش إلكترونية لفتح السيارات دون أثر يطرح سؤالاً جوهرياً حول جاهزية المنظومة القانونية والتقنية لمجابهة هذا النوع من التهديدات. ورغم ذلك، يبرز نجاح الوحدات الأمنية في تفكيك الملف قدرة الدولة على التكيّف مع التحولات الإجرامية، متى توفرت المعلومة الدقيقة والعمل الاستعلاماتي الجاد. في المقابل، يبقى وعي المواطن عاملاً أساسياً: تجنب ترك مقتنيات ثمينة داخل السيارات، والانتباه لأي تحركات مريبة، والتبليغ السريع، كلها عناصر تشكل خط الدفاع الأول قبل التدخل الأمني.

المصدر: فريق تحرير موقع تونس 33، المرجع: مصدر أمني رسمي

تعليقات فيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock