وطنية

بعد المصادقة الرسمية.. إجراءات جديدة تُهمّ كل من يملك حسابًا بنكيًا أو بريديًا..

بعد أمر حكومي ومصادقة من البرلمان: إجراءات جديدة تهم أصحاب الحسابات البنكية والبريدية في تونس

في تحرّك يُعتبر من أهمّ الإجراءات البنكية خلال السنوات الأخيرة، شرعت المؤسسات المالية في تونس — من بنوك وشركات تأمين وبريد تونسي — في تنفيذ قرار غلق الحسابات غير النشطة، تطبيقًا للتنقيح الجديد للفصل 732 من المجلة التجارية، الذي دخل حيّز التنفيذ نهاية سنة 2024. هذه الخطوة، وإن بدت تقنية، فإنها تحمل في طيّاتها تحوّلًا هيكليًا في فلسفة إدارة القطاع البنكي التونسي.

🔹 إصلاح بنكي أم تصحيح قانوني متأخّر؟

بحسب المتابعين، لم يأتِ القرار من فراغ، بل هو تفعيل لقانون ظلّ مجمّدًا لسنوات، وسط فوضى الحسابات الراكدة التي لم تُغلق رغم مرور فترات طويلة دون أي حركة مالية.
ويؤكد الخبير البنكي ياسين الطريقي، كاتب عام الفرع الجامعي للبنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين بصفاقس، أن هذا التفعيل كان “ضروريًا ومؤجّلًا”، مشيرًا إلى أن آلاف الحسابات ظلت مفتوحة دون أي استعمال فعلي، ما تسبّب في اختلال محاسبي وتراكم “معاليم التصرف” التي تحوّل الحريف من دائن إلى مدين دون أن يعلم.

🔹 كيف يعمل النظام الجديد؟

وفق الآلية الجديدة، يُعتبر الحساب “خاملاً” بعد مرور ثلاثة أشهر دون أي عملية مالية — سواء سحب أو إيداع — لتقوم المؤسسة البنكية بمراسلة الحريف تنبيهًا بنيّتها غلق الحساب.
وفي حال لم يُجب الحريف خلال الأشهر الثلاثة التالية، يتم غلق الحساب تلقائيًا.
هذه الآلية تضع حدًّا للفوضى التي عرفها القطاع لسنوات، وتُلزم البنوك بإعلام حرفائها قبل الغلق، حفاظًا على الشفافية والوضوح.

🔹 أبعاد اقتصادية وتنظيمية

من الناحية الاقتصادية، يهدف الإجراء إلى تحسين الحوكمة البنكية والتقليص من الحسابات الراكدة التي تشوّه البيانات المالية للمؤسسات.
فالقطاع البنكي التونسي كان يعاني من “تضخّم رقمي” في عدد الحسابات النشطة على الورق، في حين أن نسبة كبيرة منها لا تشهد أي حركة فعلية.
هذا الوضع خلق إشكالات في احتساب مؤشرات النشاط المالي وعرقل جهود التحول الرقمي البنكي، الذي يعتمد أساسًا على دقّة قاعدة البيانات.

🔹 تأثير مباشر على المواطنين والمقيمين بالخارج

الإجراء الجديد أثار تفاعلًا واسعًا لدى التونسيين، خصوصًا المقيمين بالخارج الذين يحتفظون بحسابات لا تُستعمل إلا نادرًا. وقد دعا الطريقي هؤلاء إلى إجراء عمليات مالية رمزية من حين لآخر للحفاظ على نشاط حساباتهم.
كما حذّر من ترك الحسابات “نائمة”، لما لذلك من انعكاسات قانونية ومالية، قد تفاجئ أصحابها برسوم متراكمة أو غلق نهائي دون علمهم.

🔹 خطوة نحو قطاع أكثر انضباطًا

يرى خبراء الاقتصاد أن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية أشمل لإعادة هيكلة النظام البنكي، خصوصًا بعد الإصلاحات التي شملت مؤخرًا الرقمنة، مكافحة التهرب الجبائي، وتعزيز العلاقة بين المواطن والمؤسسة المالية.
ويُتوقّع أن يساهم هذا القرار في تنظيف السوق المالية، وتحسين الثقة بين المواطن والبنك، مع الحد من الممارسات غير الشفافة التي كانت ترافق بعض العمليات القديمة.

🔹 ختامًا

قد يبدو غلق الحسابات غير النشطة قرارًا إداريًا بحتًا، لكنه في الواقع تعبير عن تحوّل عميق في ثقافة الحوكمة البنكية في تونس. فبين الشفافية، والرقمنة، والمسؤولية القانونية، تسعى المؤسسات المالية اليوم إلى رسم ملامح مرحلة جديدة من الانضباط والوضوح، بما يخدم الاقتصاد والمواطن على حدّ سواء.

✍️ المصدر: فريق تحرير موقع تونس 33
📚 المرجع: تصريحات ياسين الطريقي لإذاعة موزاييك أف أم + المجلة التجارية التونسية (الفصل 732 بعد التنقيح).

تعليقات فيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock