عاجل/ القضاء يفتح النار على الفساد: شخصيات سياسية كبرى أمام المحاكمة..
زلزال سياسي في تونس.. ملفات فساد تجر قيادات معروفة إلى العدالة

في خطوة لافتة تحمل أبعادًا قضائية وسياسية، قرّرت دائرة الاتهام المختصة في قضايا الفساد المالي لدى محكمة الاستئناف بتونس، إحالة الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين والوزير الأسبق مبروك كورشيد أمام الدائرة الجنائية. القرار لم يمرّ مرور الكرام، إذ أعاد إلى الواجهة النقاش المحتدم حول مسار العدالة الانتقالية وما رافقه من قرارات مثيرة للجدل.
ملف البنك الفرنسي التونسي: عقدة قانونية قديمة
القضية الأولى ترتبط بملف البنك الفرنسي التونسي (BFT)، أحد أكثر الملفات تعقيدًا في تاريخ تونس المالي. الصلح الذي أبرمته هيئة الحقيقة والكرامة مع التونسي المقيم بفرنسا عبد المجيد بودن أثار منذ البداية جدلاً واسعًا، قبل أن يصدر القضاء بطاقة إيداع بالسجن في حقه. الملف يُعتبر اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة القضاء على الفصل في قضايا مالية متشابكة تتجاوز أحيانًا حدود القانون إلى حسابات السياسة.
الصلح مع سليم شيبوب: جدل لا ينتهي
القضية الثانية تعود إلى الصلح الذي عقدته الهيئة مع رجل الأعمال سليم شيبوب، صهر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي. رفض مطلب الإفراج عنه في هذه المرحلة يكرّس حالة الشدّ والجذب بين القضاء ومطالب رجال الأعمال الذين وجدوا في مسار العدالة الانتقالية فرصة للتسوية. هنا، تبرز المفارقة بين ما يُرفع من شعارات حول تحقيق العدالة وما يُطرح من اتهامات بشأن “صفقات مشبوهة”.
انعكاسات أوسع على مسار العدالة الانتقالية
هذه الإحالات لا يمكن قراءتها فقط في بعدها القانوني، بل تحمل انعكاسات سياسية عميقة. فبن سدرين تُعدّ رمزًا للعدالة الانتقالية، بينما يُنظر إلى كورشيد باعتباره شخصية مثيرة للجدل في علاقته بالملفات العقارية والمالية. إحالة الاثنين معًا قد تُعيد خلط الأوراق وتفتح الباب أمام مراجعة شاملة لمسار هيئة الحقيقة والكرامة، الذي لطالما انقسمت حوله الساحة التونسية بين داعم ومشكّك.
الخلاصة
الملف يضع الرأي العام أمام أسئلة معلّقة: هل نحن أمام بداية مرحلة محاسبة جدية للقرارات التي اتخذت باسم العدالة الانتقالية؟ أم أنّ ما يحدث ليس سوى حلقة جديدة من تجاذبات السياسة في ثوب قضائي؟
الأكيد أنّ هذه القضايا ستُعيد فتح جروح لم تندمل بعد، وتفرض على الدولة اختبارًا جديدًا في مصداقية محاربة الفساد.
📌 المصدر: تونس 33