
حققت الدولة التونسية فوزًا قضائيًا بارزًا في نزاع تحكيمي دولي ضد شركة “كندا شمال إفريقيا للبترول والغاز”، حيث رفضت هيئة التحكيم جميع مطالب الشركة التي كانت تطالب بتعويض قدره 130 مليون دولار أمريكي (حوالي 400 مليون دينار تونسي)، على خلفية إنهاء عقد استغلال حقل سيدي الكيلاني النفطي بالقيروان.
خلفية النزاع: رفض الترخيص ومناورات قانونية مرفوضة
تعود القضية إلى قرار سيادي اتخذته تونس بعدم منح ترخيص للشركة الكندية لاقتناء حقوق شركة صينية في حقل سيدي الكيلاني، نتيجة غياب الضمانات الفنية والمالية اللازمة لاستغلال المورد النفطي الاستراتيجي. في محاولة للالتفاف على القرار، عمدت الشركة الكندية إلى شراء كامل أسهم الشركة الصينية، محاولة بذلك فرض أمر واقع، وهو ما رفضته تونس بشكل صارم.
التحكيم الدولي يُنصف تونس
هيئة التحكيم اعتبرت أن الدولة التونسية مارست حقها المشروع في حماية ثرواتها الطبيعية وسيادتها الوطنية، وأكدت ضرورة الحصول على موافقة مسبقة على أي تغيير في هوية مستغل الحقل، كما تنص عليه القوانين التونسية والدستور واتفاقية استغلال حقل سيدي الكيلاني.
كفاءة وطنية في مواجهة عمالقة القانون الدولي
هذا الإنجاز القانوني هو ثمرة عمل محكم قادته كفاءات تونسية عالية المستوى. فقد تصدّى فريق الدفاع الذي قاده مكتب بوصيان الكناني والشركاء، الممثل بالأساتذة يوسف الكناني، محرز بوصيان، وإيناس يوسف، للمرافعة ضد خصم مدعوم من مكاتب محاماة دولية مرموقة، بمساندة فعالة من المكلف العام بنزاعات الدولة، وزارة الصناعة، والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية.
تحميل الشركة الكندية التكاليف الكاملة
إضافة إلى الخسارة القضائية، أُجبرت الشركة الكندية على تحمل كامل تكاليف التحكيم التي تتجاوز 800 ألف دولار، إلى جانب دفع أتعاب المحامين التونسيين، ما يمثل نكسة قانونية ومالية مضاعفة للطرف المدعي.
رسالة واضحة: السيادة ليست للبيع
هذا الحكم يعد سابقة قانونية تؤكد أن تونس قادرة على الدفاع الصارم عن سيادتها ومصالحها الاقتصادية أمام الهيئات الدولية، ويبرز أهمية مواصلة دعم الإطارات القانونية الوطنية وتحسين ظروف عملها لمجابهة التحديات المتزايدة في الساحة الدولية.