يكشف ملف فواتير الماء المتأخرة لدى الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه (SONEDE) عن معضلة متواصلة تمسّ شريحة واسعة من التونسيين، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. فالديون المتراكمة أصبحت تفرض على الشركة اتباع إجراءات أكثر صرامة لضمان توازنها المالي واستمرارية خدماتها، وسط جدل متجدد حول آجال الإشعار وقرارات قطع الماء.
🔵 آجال الإشعار… هل تكفي لتسوية الوضع؟
وفق المعطيات المتوفرة، تعتمد SONEDE مهلة تتراوح بين 15 و30 يومًا بعد تاريخ الاستحقاق لإرسال إشعار رسمي للحريف المتخلّف عن الدفع. هذا الإجراء يهدف أساسًا إلى منح فرصة كافية لتسوية الفاتورة، خصوصًا أن العديد من الإدارات الجهوية تشهد تفاوتًا في التعامل مع الملفات حسب الوضعيات الاجتماعية والمعطيات التقنية لكل مشترك.
ورغم أن هذه المهلة تبدو منصفة شكليًا، إلا أن عدداً كبيراً من المواطنين يعتبرها قصيرة مقارنة بارتفاع قيمة الفواتير أو تزامنها مع فترات مالية صعبة، ما يعيد الجدل حول ضرورة مراجعة آليات الإشعار وجدولة الديون.
🔵 قطع التزويد… آخر الحلول ولكن دون إشعار إضافي
عند انتهاء الآجال دون دفع، تحتفظ الشركة بحقها القانوني في قطع الماء مباشرة، خاصة إذا كانت الديون ضخمة أو متراكمة منذ أشهر. ويشير متابعون إلى أنّ هذا الإجراء يتم في كثير من الأحيان دون إرسال إشعار ثانٍ، وهو ما يخلق حالة من الاحتقان لدى بعض المشتركين الذين يعتبرون أنّ العملية تتم “بشكل مباغت”.
في المقابل، تؤكد الشركة أن ضمان استمرارية الشبكة يستوجب التزامًا جماعيًا بخلاص المستحقات، وأن الإجراء يُعتمد أساسًا في الحالات التي تتجاوز فيها الديون سقفًا معيّنًا يهدّد التوازن المالي المحلي.
🔵 خيارات الجدولة… مخرج فعلي لتفادي الانقطاع
أمام تزايد شكاوى المواطنين، عمدت SONEDE خلال السنوات الأخيرة إلى توسيع آليات جدولة الفواتير، خصوصًا للمتضرّرين اقتصاديًا أو لمن تراكمت عليهم مبالغ كبيرة.
وتؤكد التجارب الماضية نجاح هذا الخيار في تجنّب عمليات القطع، شرط التزام المواطن بالدفع وفق الرزنامة المتفق عليها. كما يُعتبر هذا الإجراء من أفضل الحلول العملية التي تسمح بمواصلة التزويد دون تعطّل، وبالمقابل تضمن للشركة استرجاع ديونها تدريجيًا.
🔵 تحليل أو تعليق خاص من فريق تحرير تونس 33
تكشف هذه الوضعية أن الخلاف بين SONEDE والحرفاء ليس مجرد مسألة خلاص فواتير بل هو نتيجة منظومة اقتصادية واجتماعية معقدة. فالشركة تجد نفسها بين مطرقة ارتفاع الديون وسندان ضعف القدرة الشرائية للمواطن. ولئن تسعى عبر الإشعارات والجدولة إلى خلق توازن معقول، إلا أن غياب إصلاح شامل لمنظومة التسعير والاستهلاك يجعل الأزمة قابلة للعودة مع كل موجة ضغط اقتصادي.
كما أن ملف قطاع الماء يظل حساسًا في تونس، حيث أي اضطراب في التزويد ينعكس مباشرة على الحياة اليومية، مما يجعل من الضروري مراجعة آليات التواصل مع المشتركين وتوحيد آجال الإشعارات على المستوى الوطني.











