عاجل : القضاء يصدر حكماً صادماً في حق بوغلاب… التفاصيل الكاملة..
قرار قضائي عاجل في حق بوغلاب… حكم يثير جدلاً واسعاً
تواصل قضية الصحفي محمد بوغلاب إثارة جدل واسع داخل الأوساط القانونية والإعلامية في تونس، بعد قرار محكمة الاستئناف بالعاصمة يوم 5 ديسمبر 2025 تأجيل النظر في الملف إلى 19 ديسمبر الجاري. هذا التأجيل الجديد يأتي في سياق مشحون بالنقاشات حول حرية الصحافة وتطبيق المرسوم عدد 54، الذي بات من أكثر النصوص القانونية إثارة للجدل خلال السنوات الأخيرة.
خلفيات القضية والحكم الابتدائي الصادر ضد بوغلاب
يعود أصل الملف إلى شكاية تقدّمت بها أستاذة جامعية اتهمت فيها الصحفي بالإساءة إليها عبر منشور على منصات التواصل الاجتماعي. وبناء على هذه الشكاية، أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس يوم 13 نوفمبر 2025 حكمًا يقضي بسجن بوغلاب لمدة سنتين استنادًا إلى الفصل 24 من المرسوم 54 المتعلق بالجرائم المتّصلة بأنظمة الاتصال.
الحكم أثار موجة واسعة من التعليقات في الوسط الإعلامي، بين من اعتبره تطبيقًا صارمًا للقانون، ومن رأى فيه تهديدًا فعليًا لحرية التعبير، خصوصًا مع تزايد استخدام المرسوم 54 ضد صحفيين ومدونين وناشطين.
قرار محكمة الاستئناف… تأجيل بطلب من الدفاع
خلال جلسة 5 ديسمبر بمحكمة الاستئناف، تقدمت هيئة الدفاع بطلب رسمي لتأجيل النظر في الملف من أجل استكمال إعداد الوثائق والمذكرات اللازمة. وقد وافقت الدائرة الجنائية على الطلب وحددت جلسة جديدة يوم 19 ديسمبر 2025.
هذا القرار خلق حالة من الترقب لدى المتابعين، باعتبار أن جلسة الاستئناف قد تكون حاسمة لتحديد مصير الحكم الابتدائي، إمّا بتعديله أو تأييده أو حتى نقضه.
القضية في سياق أوسع: جدل حول المرسوم 54
مرسوم 54… بين حماية الفضاء الرقمي وتقييد حرية التعبير
منذ دخوله حيز النفاذ، شكّل المرسوم عدد 54 محور خلاف كبير في تونس. ورغم أنّه وُضع أساسًا لمكافحة الجرائم الإلكترونية، إلا أن العديد من المنظمات الحقوقية ترى أن مواده – وخاصة الفصل 24 – فضفاضة وتسمح بتأويلات تُوظّف أحيانًا لملاحقة صحفيين بسبب آرائهم.
قضية بوغلاب تعتبر من أبرز الأمثلة على هذا التوتر بين سلامة الفضاء الرقمي من جهة، وحقوق الصحفيين في التعبير دون خشية من العقوبات السجنية من جهة أخرى.
موقف نقابة الصحفيين وردود الفعل الحقوقية
نقابة الصحفيين التونسيين عبّرت في أكثر من مناسبة عن “انشغال كبير” من توسّع دائرة المحاكمات المستندة إلى مرسوم 54. وأكدت أن التدوينات أو الآراء الشخصية، مهما بلغت حدتها، لا يجب أن تؤدي إلى “عقوبات سالبة للحرية”، خاصة إذا تعلّق الأمر بصحفي يمارس عمله في إطار النقد أو التفاعل مع الشأن العام.
ردود الفعل الحقوقية بدورها اعتبرت أن الحكم الابتدائي ضد بوغلاب “متشدّد وغير متناسب”، داعية القضاء إلى اعتماد مقاربة تراعي مبدأ التناسب ومكاسب الثورة في مجال حرية التعبير.
الأبعاد القانونية للقضية
كيف ينظر القانون إلى تدوينات الصحفيين؟
من جهة قانونية، تطرح قضية بوغلاب سؤالًا محوريًا:
هل تُعامل التدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي كجزء من العمل الصحفي، أم أنها فعل شخصي يخضع للقانون الجزائي العام؟
الجدل هنا يتّسع لأن العديد من الصحفيين يستخدمون حساباتهم للتعبير عن مواقفهم من القضايا المطروحة على الساحة، وهو ما يجعل الحدود بين “الرأي” و“العمل الصحفي” ضبابية أحيانًا.
الاستئناف… ورقة الدفاع الأساسية
هيئة الدفاع تعتبر أن الحكم الابتدائي “مفرط في التشدد”، وأن المقالة أو التدوينة التي استندت إليها الشكاية لا تتضمن ما يستوجب عقوبة حبسية بهذه المدة، إضافة إلى اعتبارهم أن المرسوم 54 لا يجب أن يكون أداة لتجريم الآراء الشخصية.
الجلسة القادمة ستكون مناسبة للدفاع لعرض دفوعاته وتقديم قراءة قانونية مخالفة لتلك التي اعتمدتها المحكمة الابتدائية.
التسلسل الزمني للقضية… تطور ملف حساس
- 2024 – 2025: نشر التدوينة موضوع الشكاية
- 13 نوفمبر 2025: صدور الحكم الابتدائي بالسجن سنتين
- نوفمبر 2025: تقديم مطلب الاستئناف
- 5 ديسمبر 2025: تأجيل جلسة الاستئناف
- 19 ديسمبر 2025: الموعد الجديد للنظر في الملف
تأثير القضية على المناخ الإعلامي في تونس
لا يمكن فصل قضية بوغلاب عن المناخ الإعلامي العام في تونس، حيث عبّر العديد من الصحفيين عن خشيتهم من توسع دائرة الملاحقات القضائية التي قد تجعل العمل الإعلامي محفوفًا بالمخاطر. إذ أصبح كل منشور على فيسبوك أو تصريح إذاعي، مهما كان بسيطًا، قابلًا لأن يتحول إلى ملف قضائي.
هذه المعطيات دفعت مراقبين إلى التحذير من “تراجع تدريجي” في هامش الحرية المتاح للصحافة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى إعلام قوي، حر ومسؤول، يساهم في مراقبة السلطة ونقل هموم المواطنين.
تحليل خاص من فريق تحرير تونس 33
تأتي هذه القضية في مرحلة دقيقة تشهد فيها تونس نقاشات واسعة حول مستقبل الحريات الفردية والجماعية. ما يزيد من حساسية الملف هو أن الحكم الابتدائي ضد بوغلاب يمثل سابقة قضائية قد تُستند إليها في ملفات مشابهة، ما يستدعي تعاملاً قضائيًا دقيقًا ومتوازنًا.
من منظور تحليلي، يمكن القول إن جلسة 19 ديسمبر ستكون لحظة اختبار مهمة:
فإما أن يتجه القضاء نحو مقاربة أكثر مرونة تأخذ في الحسبان طبيعة العمل الصحفي ودور النقد في النظام الديمقراطي، أو أن يرسّخ توجهاً أكثر صرامة في تطبيق المرسوم 54، وهو ما قد يؤثر لسنوات على بيئة العمل الإعلامي.
وبرغم أهمية حماية الأشخاص من التشويه والإساءة، إلا أنّ تطبيق العقوبات السجنية في قضايا التعبير يظلّ نقطة جدل حقيقية، خصوصًا في بلد يعتبر حرية الصحافة مكسبًا أساسيًا من مكاسب 2011.
الخلاصة
قضية الصحفي محمد بوغلاب تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات في انتظار ما ستقرره محكمة الاستئناف يوم 19 ديسمبر 2025. الحكم المقبل قد يشكل محطة مفصلية في العلاقة بين القانون والحرية في تونس، ويحدد مستقبل تطبيق المرسوم 54 على الصحفيين.
المصدر: فريق تحرير موقع تونس 33، المرجع: معطيات قضائية وإعلامية











