برامج ومنوعات

بالفيديو : عروض زواج سامي الفهري تتحول إلى حديث الشارع..

لم يمرّ الإعلان الترويجي لقناة “الحوار التونسي” عن برنامج جديد يركّز على التعارف بقصد الزواج مرور الكرام. فالفكرة، رغم بساطتها، أشعلت موجة من الجدل منذ اللحظة الأولى. الإعلان الذي دعا الراغبين في المشاركة للتقدّم إلى الكاستينغ، قدّم البرنامج كرحلة عاطفية تبدأ بـ”كلمة” ثم “نظرة” وصولاً إلى “حب” يتوَّج بالزواج.

لكنّ هذه الصيغة الرومانسية اصطدمت بواقع إعلامي واجتماعي مختلف: مجتمع ما زال متحفّظاً على كشف تفاصيل الحياة الخاصة في الفضاء العام، وإعلام يواجه اتهامات متزايدة بالابتعاد عن القضايا الجدية التي تهمّ المواطن.

موجة غضب وانتقادات

الانتقادات لم تتأخر. عدد كبير من التونسيين، على مواقع التواصل الاجتماعي، وصفوا البرنامج بالسطحي واعتبروه مؤشراً على تراجع مستوى الإعلام المحلي، الذي بات يبحث عن نسب مشاهدة بأي ثمن. البعض اعتبر أنّ القناة تهرّبت من مناقشة قضايا سياسية وثقافية حارقة، واختارت عوضاً عن ذلك الغرق في الترفيه الخفيف الذي قد يجرّ وراءه جدلاً أخلاقياً واجتماعياً أكثر منه نقاشاً جدياً.

في المقابل، دافع آخرون عن التجربة معتبرينها إضافة إلى المشهد التلفزي، وذكّروا بأن الإعلام ليس بالضرورة أن يكون كله سياسياً أو إخبارياً، بل يحق له أن يفتح مساحات للتجارب الاجتماعية والترفيهية، طالما أنّ المتابع هو الحكم الأخير.

بين السوق الإعلامية والذوق العام

القرار بإنتاج مثل هذا البرنامج يكشف عن رهان استراتيجي من قناة الحوار التونسي: التموقع في سوق إعلامية تتغير بسرعة، حيث أصبحت نسب المشاهدة والمردودية التجارية عنصراً حاسماً في استمرارية القنوات. لكنّ هذا الرهان يصطدم بمخاطر واضحة: تراجع الثقة في الإعلام، واتهامه بالابتذال وإرضاء الغرائز السطحية على حساب النقاش العام.

التساؤل الأعمق هنا: هل يستجيب الإعلام لحاجة السوق فقط، أم يتحمّل مسؤولية أوسع تجاه المجتمع وثقافته وقيمه؟

مقارنات دولية

من الناحية الشكلية، البرنامج ليس جديداً في المشهد العالمي. تجارب مثل “Married at First Sight” أو “The Bachelor” في الولايات المتحدة وبريطانيا أثبتت أن هذا النوع من البرامج قادر على جذب جماهير واسعة وتحقيق نسب مشاهدة قياسية.

لكن الفارق أن تلك المجتمعات، رغم الانتقادات، تتعامل مع مثل هذه البرامج كجزء طبيعي من المشهد التلفزيوني. أما في تونس، فإن الجدل يأخذ طابعاً اجتماعياً وأخلاقياً أعمق، حيث تُطرح الأسئلة حول حدود المقبول في الفضاء العام ومدى استعداد المجتمع للتفاعل مع محتوى يمسّ الحياة الخاصة بهذا الشكل المباشر.

قراءة تحليلية

في النهاية، قد ينجح البرنامج في شدّ الانتباه وتحقيق نسب مشاهدة مرتفعة، وقد يجرّ وراءه سيلاً من الانتقادات. لكن المؤكد أنّه يعكس تحوّلاً في طبيعة الإعلام التونسي: من منصة كانت تنشغل طويلاً بالنقاش السياسي إلى فضاء يبحث عن الإثارة الاجتماعية والفرجة الخفيفة.

القناة تراهن على كسر الروتين، لكنّ المجتمع يراقب بحذر: هل سنرى تجربة تلفزيونية تُحدث نقلة نوعية في الإنتاج الترفيهي، أم سنواجه نسخة جديدة من محتوى جدلي سريع الزوال؟


المصدر: فريق تحرير موقع تونس 33 – قناة الحوار التونسي

تعليقات فيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock