إقتصادشغلمجتمع

خبير اقتصادي: زيادات الأجور في 2026 ستكون مختلفة..والمستفيد الأول المتقاعدون..

خبير اقتصادي يكشف خفايا زيادات الأجور في 2026… والمفاجأة تخص المتقاعدين…

يستعدّ الشارع التونسي لاستقبال سنة مالية جديدة محمّلة بالآمال والمخاوف، مع اقتراب مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي يتضمّن جملة من الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية، أبرزها الزيادات المرتقبة في الأجور وجرايات المتقاعدين. وبين وعود تحسين المعيشة وضغط المؤشرات الاقتصادية، يبدو أن المشهد يتجه نحو توازن هشّ بين الإصلاح الاجتماعي والانضباط المالي.

زيادات محدودة أمام واقع اقتصادي ضاغط

وفق التقديرات الأولية، تتراوح الزيادة في أجور القطاع العام والوظيفة العمومية بين 50 و100 دينار شهرياً، بينما قد تصل في القطاع الخاص إلى 35 أو 40 ديناراً، بحسب الاتفاقيات القطاعية. وتُعدّ هذه الزيادات خطوة رمزية تهدف إلى استرضاء الفئات المتوسطة ومحدودة الدخل، في وقت تعاني فيه البلاد من تآكل حقيقي للقدرة الشرائية وتضخم متصاعد تجاوز في بعض الأشهر نسبة 8%.

ويؤكد الخبير الاقتصادي الهادي دحمان أن هذه الزيادات، رغم طابعها الاجتماعي، قد لا تحقق الأثر المرجوّ إن لم تُرفق بإصلاحات حقيقية على مستوى الأسعار والدعم. فالقيمة الاسمية للزيادة لا يمكن أن تعيد التوازن للمواطن في ظل ارتفاع كلفة الغذاء والسكن والطاقة والنقل، وهو ما يجعلها زيادة شكلية أكثر منها إصلاحاً هيكلياً.

المتقاعدون… الحلقة الأضعف في المعادلة

من جانب آخر، يشير الخبراء إلى أن ملف المتقاعدين يظلّ من أكثر الملفات إلحاحاً في مشروع قانون المالية الجديد. فمع تراجع الجرايات الحقيقية وتزايد التضخم، أصبحت فئة المتقاعدين من الأكثر هشاشة اجتماعياً. لذلك، يدفع الخبراء نحو ضرورة مراجعة منظومة التقاعد بصفة شاملة، عبر تحيين الجرايات وربطها بمؤشرات الأسعار بدل الاقتصار على زيادات رمزية ظرفية.

ويرى دحمان أن معالجة أوضاع المتقاعدين تتطلب رؤية إصلاحية متكاملة تشمل الصناديق الاجتماعية والتمويل العمومي، لا مجرد زيادات ظرفية قد تذوب قيمتها خلال أشهر قليلة.

التوازن بين العدالة الاجتماعية والاستقرار المالي

تحاول الحكومة عبر مشروع قانون المالية 2026 تحقيق توازن دقيق بين تهدئة الشارع واحترام التزاماتها المالية. فالزيادات في الأجور، رغم وجاهتها الاجتماعية، تمثل عبئاً إضافياً على ميزانية الدولة في ظل العجز المتنامي وارتفاع حجم كتلة الأجور التي تلتهم أكثر من نصف الموارد العمومية.

من جهة أخرى، يخشى عدد من الاقتصاديين أن تؤدي هذه الزيادات إلى موجة تضخمية جديدة، إذا لم ترافقها إصلاحات حقيقية في مناخ الاستثمار والإنتاج. فزيادة الأجور دون نموّ اقتصادي فعلي تعني، وفق تعبير بعض المحللين، “ضخّ سيولة في اقتصاد لا ينتج بما يكفي”.

تحليل خاص من فريق تحرير تونس 33

تبدو الحكومة في سباق مع الزمن لتحقيق معادلة صعبة بين المطالب الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي. فمشروع قانون المالية 2026، وإن حمل بعداً اجتماعياً واضحاً، إلا أنّ نجاحه مرهون بمدى قدرته على ترجمة هذه الإجراءات إلى تحسين ملموس في حياة التونسيين، لا مجرد أرقام على الورق.

الاختبار الحقيقي لن يكون في صرف الزيادات، بل في مدى قدرتها على الصمود أمام التضخم. فزيادات الأجور، مهما بلغت، ستبقى محدودة الأثر إن لم تُرافق بسياسات تسقيف للأسعار، وضبط للمضاربة، وإصلاح جذري لمنظومة الدعم.

وفي النهاية، فإن مشروع قانون المالية الجديد يمثل مرآة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تونس: أزمة تبحث عن توازن بين دولة تُنفق أكثر مما تنتج، وشعب ينتظر عدالة اجتماعية حقيقية لا تذوب في موجة الغلاء.

فريق تحرير موقع تونس 33

تعليقات فيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock