عاجل : توتر في عرض البحر.. تحركات غامضة ترافق أسطول الصمود المتجه إلى غزة..

يواصل أسطول الصمود المغاربي لكسر الحصار عن غزة تقدّمه نحو شرق المتوسط، في مسار لا يخلو من رمزية تاريخية ورسائل سياسية عميقة. فبعد مغادرة المياه الإيطالية قبالة صقلية، تشقّ سفينة «دير الياسين» – التي تقود التشكيل – طريقها نحو المياه الدولية قرب اليونان، متمسكة باستراتيجية الإبحار الجماعي المتماسك رغم التحديات الجوية والأمنية. هذا التحرك لا يقتصر على الجانب اللوجستي، بل يترسّخ بوصفه حدثًا سياسيًا وإعلاميًا بامتياز، يعيد إلى الواجهة النقاش حول حرية الملاحة المدنية، وشرعية الحصار المفروض على غزة، ودور المجتمع المدني في ابتكار أدوات ضغط غير تقليدية.
رهانات إنسانية ورسائل رمزية
من الناحية الإنسانية، يرفع الأسطول شعارًا واضحًا: إيصال المساعدات إلى سكان غزة المحاصرين، وتحدي العراقيل أمام تدفّق الإغاثة عبر البر. أما رمزيًا، فإن مجرد تحريك سفن مدنية في البحر الأبيض المتوسط باتجاه غزة يطرح سؤالًا قانونيًا حول مدى احترام الدول لمبدأ حرية الملاحة. كما يمنح القضية الفلسطينية زخمًا إعلاميًا جديدًا عبر صور مباشرة من البحر، تخلق حالة تضامن عابرة للحدود.
تماسك التشكيل واستراتيجية الإبحار البطيء
قرار «دير الياسين» بتقليص سرعتها للحفاظ على مسافة متساوية مع بقية السفن لم يكن تفصيلًا تقنيًا بحتًا. فهو يعكس مبدأ الانضباط الجماعي الذي تحتاجه مثل هذه المبادرات. فالمسافة الآمنة، والانضباط الاتصالي، والاستعداد لمفاجآت جوية مثل الطائرات المسيّرة، كلها عوامل تحدّد مصير الرحلة، وتحميها من أي استفزاز محتمل قد يجرّها إلى مواجهة غير محسوبة.
تحديات بحرية وتحليق مسيّرات
رغم رصد طائرات مُسيّرة فوق إحدى السفن، لم تتأثر معنويات الطواقم. بل على العكس، جرى التعامل مع الحادثة بوعي بأنّ الحساسية السياسية للمهمة تستدعي اليقظة دون انزلاق إلى ردود أفعال تصعيدية. هذا الانضباط يحوّل الأسطول إلى نموذج في كيفية الموازنة بين الهدف الإنساني والبيئة الأمنية المعقدة.
مبادرات متوازية وتوسيع دائرة الضغط
لا يبحر الأسطول وحده في هذا المسار الرمزي. فابتداءً من 24 سبتمبر، ينطلق أسطول آخر من جنوب إيطاليا ضمن مبادرة «ألف مادلين»، على أن تتبعه رحلة إضافية مطلع الشهر القادم. هذا التزامن يُعزّز الضغط الشعبي والإعلامي عبر توزيع المخاطر وتكثيف الرسائل، ويجعل أي محاولة لإجهاض التحرك أكثر تعقيدًا.
أبعاد أبعد من البحر
التحرك يكتسب أربعة أبعاد رئيسية:
- إنسانيًا: إيصال المساعدات بشكل مباشر.
- قانونيًا: اختبار حرية الملاحة المدنية ضمن القانون الدولي.
- إعلاميًا: إنتاج صور وأصوات تعبّر عن التضامن العالمي.
- تنسيقيًا: بناء خبرات مشتركة لمبادرات لاحقة أكثر فاعلية.
بين الواقع والرمزية
في النهاية، لا يُختزل أسطول الصمود في مسار بحري وحسب، بل يتحوّل إلى منصة نضالية عائمة، حيث يلتقي التضامن الشعبي مع المعركة القانونية والإعلامية. والرهان الأبرز يتمثّل في مدى قدرة هذه المبادرات على تحويل الرمزية إلى ضغط سياسي فعلي يفتح ممرات إنسانية بحرية نحو غزة.
المصدر: اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة + تصريحات ميدانية من أعضاء أسطول الصمود (سبتمبر 2025).