أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، يوم الجمعة، عن تنفيذ إضراب عام يوم الأربعاء 21 جانفي 2026، في خطوة اعتبرها الأمين العام نور الدين الطبوبي استجابة لما وصفه بـ”تفاقم التضييق على الحريات وتعطيل الحوار الاجتماعي”، فضلاً عن تعثر المفاوضات المتعلقة بالزيادات في الأجور بالقطاعين العام والخاص.
موقف الاتحاد: خطوة حتمية بعد انسداد الحوار
خلال كلمة مباشرة لرئيس الجمهورية قيس سعيد، أكّد الطبوبي أن هذا الإضراب لم يكن خياراً مطروحاً من البداية، بل هو نتيجة تراكم ما وصفه بمحاولات فرض “حكم الفرد” وإقصاء الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين. وأضاف أن المنظمة النقابية، التي تعتبر نفسها شريكاً أساسياً في بناء المسار الديمقراطي منذ ثورة 2011، اضطرت إلى التصعيد بعد أكثر من عامين من مراسلات لم تجد أي استجابة، إلى جانب تهديدات واعتقالات تستهدف المعارضين والنقابيين.
وأكد الطبوبي أن إضراب 21 جانفي يمثل الفرصة الأخيرة لاستعادة الحوار الاجتماعي، داعياً السلطة إلى فتح مفاوضات جدية حول الأجور وضمان الحقوق والحريات، إضافة إلى إطلاق سراح الموقوفين السياسيين واستعادة استقلالية القضاء.
الدفاع عن الحقوق والمكاسب الاجتماعية
وأشار الأمين العام إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل احترم مؤسسات الدولة واتباع السبل القانونية، موجهاً أكثر من 18 مراسلة للحكومات المتعاقبة بشأن تنفيذ الاتفاقيات السابقة، إلا أن الرد كان تجاهلاً أو تبريراً بأن توقيع تلك الاتفاقيات يعود لفترة ما قبل الإجراءات الاستثنائية. وذكر الطبوبي بعض الاتفاقيات التي تم إبرامها في جويلية 2021 مع حكومات وصفت نفسها بـ”الثورية”، مؤكداً أن الاتحاد صاحب قدرة على الإقناع ومستعد للنضال في الوقت نفسه.
وتطرّق الطبوبي إلى أهمية الاستعداد للتصعيد إذا لم تستجب السلطات لمطالب النقابة، مؤكداً أن “الاتحاد لا يخشى السجون ولا التهديدات، ومناضلوه ليسوا أغلى من شهداء الوطن”. وأضاف أن المنظمة ستظل في الصفوف الأمامية للدفاع عن مكاسب التونسيين وحقوقهم الاجتماعية والمدنية، معتبراً أن تونس بحاجة إلى وحدة وطنية لا صراعات سياسية.
الإضراب وسيلة لضمان الحوار الاجتماعي
الإضراب العام المزمع تنفيذه يوم 21 جانفي يأتي في سياق تداعيات اقتصادية واجتماعية متشابكة، إذ يسعى الاتحاد إلى الضغط من أجل استعادة مكانته كشريك أساسي في أي حوار اجتماعي، وتحقيق زيادات عادلة في الأجور وضمان الحقوق الأساسية للعمال في القطاعين العام والخاص. كما يمثل الإضراب رسالة واضحة للسلطة بعد أن أظهرت المراسلات السابقة صعوبة في التوصل إلى اتفاقيات حقيقية بشأن المطالب الاجتماعية.
ويبرز هذا التصعيد في وقت تواجه فيه تونس تحديات اقتصادية كبيرة، منها ارتفاع الأسعار وضغوط مالية على الدولة، ما يجعل المفاوضات حول الأجور موضوعاً حساساً يثير جدلاً واسعاً على مستوى المجتمع والشارع.
تحليل أو تعليق خاص من فريق تحرير تونس 33
يأتي إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن الإضراب العام في 21 جانفي 2026 كتحذير واضح للسلطة، يعكس عمق الأزمة بين مؤسسات الدولة والمنظمات النقابية. الاتحاد يسعى إلى توظيف كل أدواته القانونية والنقابية للدفاع عن الحقوق، ويظهر أنه مستعد للتحرك بشكل متدرج وصارم إذا لم تتحقق المطالب الأساسية للعمال.
الموقف الحالي يعكس توازن القوى بين النقابات والسلطة، حيث أن استمرار سياسة التجاهل قد يؤدي إلى تصعيد أكبر قد يطال الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. الإضراب المرتقب سيشكل اختباراً حقيقياً للسلطة فيما يخص قدرتها على التعامل مع احتجاجات المنظمة النقابية الأكبر في تونس، ونجاح أو فشل هذا الإضراب سيكون له انعكاسات على الحوار الاجتماعي المستقبلي واستقرار الاقتصاد الوطني.
المصدر: فريق تحرير موقع تونس 33، المرجع: موقع الاتحاد العام التونسي للشغل

















