دق ناقوس الخطر : مؤشرات صادمة تكشف أزمة الزواج والولادات في تونس..
أرقام غير مسبوقة تعكس أزمة ديمغرافية في تونس
كشفت معطيات حديثة صادرة عن وزارة الأسرة عن تحوّلات ديموغرافية عميقة تشهدها تونس، وُصفت بالمقلقة، في ظل تواصل تراجع معدّل النمو السكاني إلى حدود 0.87%، وهو من أضعف المستويات المسجّلة خلال السنوات الأخيرة، بالتوازي مع انخفاض واضح في مؤشر الخصوبة.
وتعكس هذه الأرقام تغيّرًا بنيويًا في تركيبة المجتمع التونسي، يطرح تحديات اجتماعية واقتصادية متزايدة على المدى المتوسط والبعيد.
ارتفاع عدد كبار السن مقابل تراجع الولادات
أفادت المصادر ذاتها أن نسبة الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 سنة ارتفعت إلى 16.9% من إجمالي السكان، ما يؤكد دخول تونس فعليًا مرحلة التحوّل الديموغرافي، حيث يتقدّم نسق الشيخوخة مقابل تقلّص فئة الأطفال.
ويقابل هذا الارتفاع في عدد كبار السن انخفاض في عدد الولادات، وهو ما ينعكس مباشرة على التوازن السكاني وعلى مستقبل سوق الشغل ومنظومات التقاعد والحماية الاجتماعية.
الزواج يتأخر… وعدد الزيجات يتراجع
من بين المؤشرات اللافتة أيضًا، تسجيل ارتفاع في معدّل سن الزواج، ليبلغ في المعدل 35 سنة لدى الرجال و29 سنة لدى النساء، وهو تطوّر يعكس تحوّلًا في أولويات الشباب التونسي.
كما أظهرت الأرقام تراجع عدد الزيجات السنوية بنسبة 4%، ما يساهم في تعميق الإشكال الديموغرافي ويؤثر بشكل مباشر على بنية الأسرة التونسية واستمراريتها.
تقلّص حجم الأسرة: تغيّر في نمط العيش
سجّل متوسط حجم الأسرة التونسية تراجعًا ملحوظًا، حيث انخفض من 4.05 أفراد سنة 2014 إلى حوالي 3.45 أفراد سنة 2024، وهو مؤشر يكشف تحوّلًا واضحًا في نمط العيش والعلاقات الأسرية.
ويرى مختصون أن هذا التطوّر يعكس تراجع نموذج الأسرة الممتدة، مقابل صعود نمط الأسرة النووية الصغيرة، في سياق اجتماعي واقتصادي متغيّر.
الأسباب: الاقتصاد في صدارة العوامل
يُرجع خبراء علم الاجتماع والديموغرافيا هذه التحوّلات أساسًا إلى الضغوط الاقتصادية المتزايدة، وارتفاع تكاليف الزواج والسكن والمعيشة، إضافة إلى اختيارات فردية جديدة لدى الشباب، من أبرزها تأجيل الزواج لفائدة مواصلة التعليم أو تحسين الوضع المهني.
كما ساهمت هشاشة سوق الشغل وتراجع الاستقرار الاقتصادي في تعزيز هذا التوجّه، خاصة لدى الفئات العمرية الشابة.
خطة وطنية لتعزيز التماسك الأسري
في محاولة لمواجهة هذه التحديات، أعلنت وزارة الأسرة عن إطلاق “الخطة الوطنية للتماسك الأسري في أفق 2035”، وهي استراتيجية تهدف إلى دعم استقرار الأسرة التونسية والتقليص من تداعيات التحوّلات الديموغرافية.
وتتضمن الخطة برنامجًا عمليًا موجّهًا للشباب، يرتكز على:
- تكوين المقبلين على الزواج،
- تعزيز مهارات التواصل داخل الأسرة،
- تطوير آليات إدارة الخلافات،
- توفير المرافقة والدعم للأسر الشابة.
تحليل أو تعليق خاص من فريق تحرير تونس 33
تكشف هذه المؤشرات أن تونس لم تعد أمام مجرّد تغيّر ظرفي، بل أمام تحوّل ديموغرافي هيكلي ستكون له انعكاسات مباشرة على الاقتصاد، السياسات الاجتماعية، وسوق العمل. ورغم أهمية الخطط المعلنة، فإن نجاحها يبقى رهين قدرتها على معالجة الأسباب الاقتصادية العميقة التي تدفع الشباب إلى تأجيل الزواج والإنجاب، وليس الاكتفاء بالمقاربات التوعوية فقط. المرحلة القادمة ستفرض نقاشًا وطنيًا واسعًا حول مستقبل الأسرة والتوازن السكاني في تونس.
📌 المصدر: فريق تحرير موقع تونس 33 – المرجع: معطيات صادرة عن وزارة الأسرة











