في ظلّ تصاعد التوتر بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة، تحوّلت نهاية الأسبوع إلى محطة تعبئة كبرى داخل مختلف الاتحادات الجهوية، حيث عقدت ندوات إطارات نقابية لمناقشة قرار الإضراب العام الوطني الذي صادق عليه المجلس الوطني للمنظمة الشغيلة، في خطوة تؤشر إلى مرحلة جديدة من الشدّ والجذب في المشهد الاجتماعي والسياسي التونسي.
⚖️ تعبئة شاملة ورسائل حازمة
التحركات النقابية الأخيرة لم تكن مجرد اجتماعات دورية، بل بدت بمثابة إنذار مبكر للسلطة بأن الاتحاد يستعد لتصعيد موقفه إن استمرّ غياب الحوار. فقد شدّد المتدخلون على ضرورة استرجاع الحق في التفاوض الجماعي واحترام الاتفاقيات السابقة، معتبرين أن تجاهل الحكومة للمطالب الاجتماعية لم يعد مقبولاً في ظلّ تدهور المقدرة الشرائية واتساع رقعة الفقر.
كما عبّر العديد من النقابيين عن استيائهم من حملات “الهرسلة” والتشويه التي تستهدف العمل النقابي في بعض القطاعات، مؤكدين أن الاتحاد سيظلّ “صوت العمال والطبقة الوسطى” مهما كانت الضغوطات السياسية والإعلامية.
🗓️ الهيئة الإدارية في سباق مع الزمن لتحديد موعد الإضراب
لال المجلس الوطني المنعقد بإشراف الأمين العام نور الدين الطبوبي، تمّ تفويض الهيئة الإدارية الوطنية لتحديد تاريخ الإضراب العام. خطوة فسّرها المتابعون على أنها تعبير عن وحدة الصف الداخلي داخل المنظمة، ورسالة إلى الحكومة بأن الاتحاد ماضٍ في خياراته التصعيدية إذا لم يُفتح باب الحوار الجدي.
الطبوبي أكّد في كلمته أن الاتحاد “لم يطلب زيادة في الأجور بل تصحيح المقدرة الشرائية التي انهارت أمام موجة الغلاء”، مضيفًا أن “الإضراب ليس غاية بل وسيلة لإعادة التوازن إلى علاقة الشغل”.
💬 الطبوبي: “الحوار هو عنوان المجتمعات المتوازنة”
في خطابٍ اتّسم بالهدوء والصلابة، دعا الطبوبي إلى فتح قنوات الحوار الاجتماعي باعتباره السبيل الوحيد لتجنّب الاحتقان، مؤكداً أن الاتحاد “لن ينجرّ إلى صدامات مفتعلة”، لكنه في المقابل “لن يقف مكتوف الأيدي أمام تدهور الوضع الاجتماعي وخرق الاتفاقيات”.
وشدّد على أن جميع القرارات القادمة “ستتخذ عبر مؤسسات الاتحاد الشرعية”، في تلميح إلى أن المنظمة لن تسمح بتسييس مطالبها أو استغلالها انتخابياً.
⚠️ تأويلات سياسية: الطبوبي بين الضغط الاجتماعي والحسابات التنظيمية
في المقابل، أثار تصريح الناشط السياسي باسل ترجمان جدلاً واسعاً حين اعتبر أن “التهديد بالإضراب العام” يتجدد كلما اقترب موعد المؤتمر الانتخابي للاتحاد المقرر في مارس 2026، مشيراً إلى أن الطبوبي يسعى إلى “إبراز نفسه كقائد مواجهة للحكومة لتأجيل الاستحقاق الداخلي”.
لكنّ مراقبين آخرين يرون أن مثل هذه التحليلات تبسّط المشهد، فالاتحاد يعيش بالفعل ضغطاً قاعدياً متزايداً من القطاعات المتضرّرة من غلاء الأسعار وجمود الأجور، ما يجعل التحرك الاجتماعي شبه حتمي.
🔍 قراءة تحليلية: الاتحاد بين واجب الدفاع وحدود التصعيد
يبدو أن الاتحاد العام التونسي للشغل يجد نفسه اليوم أمام معادلة معقدة: من جهة، مطالب اجتماعية متراكمة وقواعد نقابية تضغط باتجاه المواجهة، ومن جهة أخرى، واقع اقتصادي هشّ يجعل أي إضراب شامل محفوفاً بالمخاطر على الاقتصاد الوطني.
التحرك المقبل، مهما كان شكله، سيكون اختباراً لقدرة الاتحاد على إدارة الصراع دون الانزلاق نحو القطيعة، ولقدرة الحكومة على استيعاب الغضب الاجتماعي قبل أن يتحول إلى أزمة سياسية جديدة في بلد أنهكته الأزمات.
🖋️ فريق تحرير موقع تونس 33

















