ارتفاع غير مسبوق للدينار التونسي أمام الدولار والأورو..
الدينار التونسي يلامس مستويات تاريخية في سعر الصرف

تشهد سوق الصرف في تونس منذ منتصف سبتمبر 2025 تحركات لافتة، إذ يتم تداول الأورو في حدود 3.425 دينار، بينما يستقر الدولار عند 2.910 دينار. ورغم أن هذه المستويات ليست الأعلى تاريخيًا، إلا أنها تعبّر عن ضغوط متزايدة مصدرها تداخل عوامل خارجية وداخلية، من بينها سياسات البنوك المركزية العالمية، وضعية الميزان التجاري، وتوقيت توريدات الطاقة.
الأورو والدولار: سياسات عالمية وانعكاسات محلية
قرار البنك المركزي الأوروبي بخفض الفائدة بـ 25 نقطة أساس ترافق مع توقعات حذرة للنمو في منطقة اليورو، في حين يواصل الاحتياطي الفدرالي الأمريكي سياسة أكثر تشددًا. هذه المفارقة خلقت تذبذبًا في زوج الأورو/الدولار عالميًا، ما انعكس مباشرة على تسعير الواردات والصادرات في تونس.
الاقتصاد التونسي بين مكاسب الأورو وضغوط الدولار
بما أن نحو نصف المبادلات التجارية لتونس تتم بالعملة الأوروبية، فإن قوة الأورو ترفع قيمة عائدات التصدير عند تحويلها إلى الدينار، وهو ما ينعش نسبيًا مداخيل قطاعات مثل النسيج والمنتجات الفلاحية والصناعات الميكانيكية. في المقابل، تبقى فاتورة الطاقة والمواد الأولية مرتبطة بالدولار، ما يعني أن استقراره أو ارتفاعه أمام الدينار يواصل الضغط على كلفة التوريد، ويحد من صافي المكاسب.
الأسعار والتضخم: المعادلة الصعبة
أي تراجع للدينار أمام الدولار ينعكس مباشرة على أسعار الوقود والنقل وعدد من المواد الغذائية المستوردة. أما أمام الأورو، فالصورة أكثر تعقيدًا: ارتفاعه قد يرفع أسعار السلع الأوروبية داخل السوق المحلية، لكنه في المقابل يعزز مداخيل المؤسسات المصدّرة ويدعم قدرتها على الاستثمار والأجور إذا استقرّت الظروف.
المالية العمومية والتمويل الخارجي
الديون المقومة بالأورو تصبح أكثر كلفة عند تحويلها إلى الدينار، فيما تظل خدمة الدين بالدولار مرتبطة بتقلبات الفائدة الدولية. الاستقرار النقدي وإصلاحات هيكلية جادة يبقيان شرطًا أساسيًا لتحسين شروط التمويل وتقليص علاوات المخاطر.
سيناريوهات محتملة للأشهر المقبلة
- استقرار نسبي: بفضل هدوء الأسواق العالمية وتحسن مداخيل السياحة والخدمات.
- ضغط خارجي: إذا واصل الفدرالي التشدد أو ارتفع النفط عالميًا، ما يفاقم كلفة التوريد.
- تحسن ملحوظ: مع زيادة الصادرات، انتعاش السياحة، وتوفر تمويلات خارجية بشروط ميسرة.
ماذا يعني ذلك للمؤسسات والأسر؟
- للمصدّرين: الاستفادة من قوة الأورو مع تعزيز أدوات التحوط وتنويع الأسواق.
- للمستوردين: إدارة ذكية للمخزون والتفاوض على عقود طويلة الأجل.
- للأسر: اليقظة تجاه أسعار الوقود والنقل والسلع المستوردة، مع ترشيد الاستهلاك.
توصيات للسياسات العامة
- تعميق سوق التحوط لمساعدة المؤسسات على مواجهة تقلبات الصرف.
- دعم القطاعات المصدّرة عالية القيمة المضافة.
- تسريع مشاريع الطاقات المتجددة لتقليص تبعية فاتورة الطاقة.
- مراقبة مسالك التوزيع للحد من التضخم غير المبرر.
تبقى الأرقام المسجلة (3.425 دينار/يورو و2.910 دينار/دولار) رهينة تقلبات السوق، ما يستدعي متابعة دائمة لنشرات البنك المركزي التونسي.
📌 المصدر: بيانات السوق ونشرات البنك المركزي التونسي