عاجل/ القضاء يحسم: هذا مصير تاجر الغلال المتهم بالاحتكار..

في سابقة لافتة، أصدرت أمس هيئة الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس حكمًا يقضي بسجن تاجر غلال لمدة خمس سنوات وتغريمه 50 ألف دينار، بعد إدانته بتهم تتعلق بالمضاربة والاحتكار، في وقت يتزايد فيه الضغط الشعبي لمواجهة هذه الظاهرة التي أثقلت كاهل المستهلك التونسي.

تفاصيل القضية: تخزين كميات ضخمة للضغط على السوق

وفق مصدر قضائي لـ”ديوان أف أم”، تعود أطوار الملف إلى ضبط التاجر وهو يُخزّن كميات كبيرة من الغلال داخل مستودعات بالعاصمة بهدف التحكم في الأسعار ورفعها بشكل غير قانوني. هذه الممارسات اعتُبرت نموذجًا واضحًا لـ”الاحتكار الممنهج”، خصوصًا في فترة تشهد فيها الأسواق اضطرابًا في المواد الفلاحية والغذائية.

بين القانون والرأي العام: دلالة الحكم القضائي

لا يُنظر إلى هذا الحكم على أنه إدانة فردية بقدر ما يُقرأ كرسالة سياسية واقتصادية قوية مفادها أن الدولة جادة في كسر منظومة الاحتكار والمضاربة. الخطية المالية الثقيلة مقرونة بالسجن تُعكس رغبة السلطات في الردع، خصوصًا بعد موجات غضب شعبي من ارتفاع أسعار الخضر والغلال.

الاحتكار ظاهرة بنيوية لا مجرّد حالات فردية

تحوّل الاحتكار في تونس من مجرد سلوك فردي إلى ظاهرة بنيوية معقدة تتشابك فيها مسالك التوزيع والرقابة الضعيفة والمصالح المتداخلة. المواطن البسيط يجد نفسه في قلب هذه الدوامة، عاجزًا عن مواجهة ارتفاع الأسعار وتراجع قدرته الشرائية. الحكم القضائي الأخير، رغم أهميته، يسلط الضوء على حجم التحدي أكثر مما يقدّم حلًا جذريًا.

الدولة بين الردع والإصلاح

تؤكد الحكومة منذ سنوات نيتها مواجهة هذه الممارسات عبر تعزيز فرق المراقبة وتشديد التشريعات، لكن الواقع الميداني يكشف استمرار حلقات المضاربة. فالمعركة ليست قضائية فقط، بل هي أيضًا معركة إصلاح لمسالك التوزيع وضبط السوق بما يحمي المستهلك ويعيد التوازن إلى الأسعار.

خلاصة تحليلية

الحكم الأخير يُعدّ خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه في نظر خبراء الاقتصاد لا يكفي وحده لردع منظومة كاملة اعتادت الإفلات من العقاب. المطلوب اليوم رؤية شاملة تشمل الإصلاح الهيكلي وتشديد الرقابة الميدانية إلى جانب الأحكام القضائية، حتى يشعر المواطن بأن الدولة تحمي قوته اليومي فعليًا لا نظريًا.

فريق تحرير موقع تونس 33 – ديوان أف أم