
مع اقتراب الذكرى الثانية والستين لعيد الجلاء، تستعد مدينة بنزرت – آخر المدن التي تحررت من الاستعمار الفرنسي سنة 1963 – لاستقبال واحدة من أكثر المناسبات الوطنية رمزية في تاريخ تونس.
لكن خلف أجواء الاحتفال والوفاء للذاكرة، تتحرك آلة الدولة بدقة عالية لضمان أن تمرّ الفعاليات في أجواء منظمة وآمنة، وسط ترتيبات ميدانية مشدّدة أعلنت عنها وزارة الداخلية في بلاغ رسمي حمل تفاصيل دقيقة عن مخطط المرور والاحتياطات الأمنية المرافقة للحدث.
🔹 مدينة بنزرت تتحول إلى مسرح وطني مفتوح
بنزرت، المدينة التي تختزن في ذاكرتها رائحة البحر ووهج المقاومة، ستكون هذه السنة مرة أخرى في قلب المشهد الوطني.
التحضيرات لم تقتصر على الجانب الاحتفالي، بل شملت خطة مرور استثنائية تقطع أو تغيّر حركة الجولان في شوارع رئيسية مثل شارع الحبيب بورقيبة، شارع الطيب المهيري، ساحة المنقالة، الكرنيش وسيدي سالم، إلى جانب الطريق الوطنية رقم 8 و11، وهما شريانان حيويان يربطان المدينة بالمناطق الصناعية والميناء التجاري.
هذا التحرك الميداني لا يهدف فقط إلى تسهيل تنقل الوفود الرسمية، بل أيضًا إلى ضمان انسياب حركة المرور وحماية المواطنين خلال يوم من المنتظر أن يشهد اكتظاظًا استثنائيًا بسبب الطابع الرمزي للمناسبة.
🔹 إجراءات استباقية… وصرامة تنظيمية
الوزارة دعت في بيانها المواطنين إلى الالتزام بالتعليمات الأمنية ومنع إرساء العربات في المناطق المحددة، كما قررت منع مرور الشاحنات الثقيلة والنصف الثقيلة خلال فترات محددة تبدأ من مساء 14 أكتوبر وحتى مساء اليوم الموالي.
الإجراء، رغم ما قد يسببه من إزعاج لمهنيي النقل، يُنظر إليه كخطوة ضرورية في ظل حساسية الظرف الأمني وأهمية الفضاء العام الذي سيحتضن الاحتفالات الرسمية.
مصادر مطلعة داخل وزارة الداخلية أكدت أن “نجاح التنظيم اللوجستي في بنزرت سيكون رسالة واضحة عن قدرة الدولة على التوفيق بين الأمن والانضباط المدني”، خصوصًا في ظل ما تشهده البلاد من تحولات اجتماعية وسياسية دقيقة.
🔹 عيد الجلاء… أكثر من ذكرى
الاحتفال بعيد الجلاء لا يُختزل في طقوس بروتوكولية أو عروض عسكرية، بل هو استعادة جماعية لذاكرة وطنية تذكّر الأجيال الجديدة بأنّ السيادة التونسية كانت ثمرة نضال طويل وتضحيات جسيمة.
ووسط هذا البعد الرمزي، تسعى السلطات إلى جعل المناسبة فرصة لترسيخ الوعي المدني والانضباط الجماعي، وهو ما تعكسه الدعوة الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية إلى المواطنين بـ«التعاون والتفهّم من أجل إنجاح المناسبة الوطنية».
🔹 قراءة ختامية
بين الإجراءات الأمنية المكثفة والرمزية الوطنية العميقة، تمضي بنزرت نحو يوم 15 أكتوبر بخطى ثابتة نحو استعادة مجدها التاريخي في أجواء احتفالية آمنة.
فبين ذاكرة الجلاء وروح الدولة الحديثة، تلتقي تونس القديمة والجديدة في مشهد وطني واحد يُعيد رسم معنى الانتماء والالتزام بالمصلحة العامة.
📌 المصدر: فريق تحرير موقع تونس 33