وطنية

وزارة العدل تحسم الأمر وتتخذ هذا القرار الهام..

أثار إعلان وزارة العدل التونسية عن عقد جلسات القضايا ذات الصبغة الإرهابية بمحكمة تونس 1 خلال شهر سبتمبر عن بُعد، جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والحقوقية. القرار الذي استند إلى الفصل 73 من قانون مكافحة الإرهاب والفصل 141 مكرّر من مجلة الإجراءات الجزائية، بُرّر بوجود “خطر حقيقي” يستوجب تقليص التجمعات وحماية الأطراف المتدخلة.

نقاش قانوني وحقوقي مفتوح

رغم أن خيار المحاكمة عن بُعد ليس جديداً في العالم، خصوصاً بعد تجربة جائحة كورونا، إلا أن تطبيقه على ملفات حساسة مثل قضايا الإرهاب يطرح تحديات جمة. المحامون أعربوا عن قلقهم من احتمال المساس بحقوق الدفاع، خاصة ما يتعلّق بالتواصل الحرّ مع الموكلين، حضورهم المادي في الجلسات، وضمان سرية المداولات.

الأبعاد التقنية والأمنية

وزارة العدل أكدت أن العملية ستتم عبر منصات مؤمّنة، لكنها لم تكشف تفاصيل كافية حول بروتوكولات الحماية الرقمية ولا كيفية توثيق الجلسات. أسئلة ملحّة تطرح: كيف سيتم الاستماع إلى الشهود عن بُعد؟ هل تملك المحاكم القدرة التقنية الكافية لتأمين البثّ المباشر دون اختراق أو تشويش؟ وكيف ستتم المصادقة على المحاضر الإلكترونية لضمان صحتها قانونياً؟

توازن هش بين الأمن والعدالة

القرار يعكس محاولة الدولة الموازنة بين الحفاظ على الأمن العام وحماية المشاركين من تهديدات محتملة، وبين ضمان محاكمة عادلة تحترم حقوق المتهمين. هذا التوازن الدقيق لا يخلو من مخاطر: فالإفراط في تغليب الجانب الأمني قد يُنظر إليه كإضعاف لحقوق الدفاع، فيما تجاهل المخاطر الواقعية قد يعرّض القضاة والمحامين والمتقاضين لمخاطر مباشرة.

صوت المحامين والمجتمع المدني

الفرع الجهوي للمحامين بتونس دعا إلى توضيحات إضافية وإرساء بروتوكولات واضحة تضمن الحضور الفعلي للمحامين وتؤمّن السجلات الإلكترونية. منظمات حقوقية أبدت استعدادها لمراقبة العملية عن كثب حتى لا تتحول الإجراءات الاستثنائية إلى قاعدة دائمة تقيّد الحريات.

ما بين التجربة والسابقة

إذا نجحت التجربة، قد تمهّد الطريق لاعتماد أوسع للتقاضي الرقمي في تونس، ليس فقط في قضايا الإرهاب، بل أيضاً في ملفات أخرى. أما إذا أظهرت ثغرات أو مسّت بحقوق المتقاضين، فإنها ستعيد النقاش حول جدوى الرقمنة في المجال القضائي برمّته.

تعليقات فيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock